الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا ارتد الزوجان معا فهما على نكاحهما استحسانا عندنا ، وفي القياس تقع الفرقة بينهما ، وهو قول زفر رحمه الله تعالى ; لأن في ردتهما ردة أحدهما وزيادة ، فإذا كانت ردتها تنافي ابتداء النكاح تنافي البقاء أيضا ، ولكنا تركنا القياس ; لاتفاق الصحابة رضي الله تعالى عنهم فإن بني حنيفة ارتدوا بمنع الزكاة فاستتابهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، ولم يأمرهم بتجديد الأنكحة بعد التوبة ، ولا أحد من الصحابة رحمهم الله تعالى سواه ، ولا يقال لعل الارتداد من بعضهم كان قبل بعض ، ولم يشتغل بذلك أيضا ; لأن كل أمرين لا يعرف التاريخ بينهما يجعل كأنهما وقعا معا .

وفقه هذا الكلام أن وقوع الفرقة عند ردة أحدهما ; لظهور خبثه عند المقابلة [ ص: 50 ] بطيب المسلم فإذا ارتدا معا لا يظهر هذا الخبث بالمقابلة ; لأنه تقابل الخبث بالخبث ، والمعنى فيه أنه لم يختلف لهما دين ، ولا دار فيبقى ما كان بينهما على ما كان كما إذا أسلم الكافران معا ، واعتبار البقاء بالابتداء فاسد فإن العدة تمنع ابتداء النكاح ، ولا تمنع البقاء ، ولا فرق ; لأن كل واحد منهما يوجب حرمة المحل ، ولكنها غير متأبدة فإن أسلم أحدهما ، وقعت الفرقة بينهما بإصرار الآخر على الردة ; لظهور خبثه الآن عند المقابلة بطيب الآخر ، حتى لو كانت المرأة هي التي أسلمت قبل الدخول فلها نصف الصداق ، وإن كان الزوج هو الذي أسلم فلا شيء لها ; لأن الفرقة من جانب من أصر على الردة ، فإن إصراره بعد إسلام الآخر كإنشاء الردة

التالي السابق


الخدمات العلمية