الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وصحته بحجر كحصى الخذف ، ورمى وإن بمتنجس على الجمرة ، [ ص: 291 ] وإن أصابت غيرها ، وإن ذهبت بقوة ، لا دونها وإن أطارت غيرها لها ، ولا طين ومعدن ، وفي إجزاء ما وقف بالبناء تردد ، وبترتبهن . [ ص: 292 ] وأعاد ما حضر بعد المنسية ، وما بعدها في يومها فقط وندب تتابعه .

التالي السابق


( وصحته ) أي : الرمي مطلقا مشروطة ( بحجر ) فلا يصح بذهب وفضة ونحوهما من المعادن ولا بطين ولا بفخار ولا بجص وجبس وقدر الحجر ( كحصى الخذف ) بخاء وذال معجمتين وهو الرمي بالحصى بالأصابع وذلك فوق الفستق ودون البندق ولا يجزي الصغير كالقمحة أو الحمصة ، ويكره الكبير لمخالفته السنة وخوف إيذائه ، ويجزي إن رمى وشمل الحجر الزلط والرخام . طفي هكذا في الرسالة والجواهر وصدر به ابن الحاجب وهكذا في الصحيح ، وترك قول الإمام رضي الله تعالى عنه في مدونته استحب أن يكون حصى الجمار أكبر من حصى الخذف قليلا وصدر به ابن عرفة ، ثم قال وفي الصحيح كحصى الخذف . الباجي لعل مالكا رضي الله تعالى عنه لم يبلغه الحديث ولو بلغه ما استحب ما هو أكبر منه .

( و ) صحته ب ( رمي ) لا وضع أو طرح فلا يجزئ قاله فيها ، والمراد رمي كل حصاة وحدها فإن رمى السبع رمية واحدة عدها حصاة واحدة والظاهر اشتراط كونه بيد لا بفم أو رجل أو قوس ، ومن مستحباته كونه بالأصابع لا بالقبضة ، وكونه باليمنى إلا الأعسر الذي لا يحسن الرمي بيده اليمنى .

فإن قلت شرط الرمي في الرمي شرط الشيء في نفسه . قلت المراد بالرمي المشروط فيه مطلق الإيصال ، وبالرمي المشروط الدفع ويصح الرمي بحجر طاهر بل ( وإن ب ) حجر ( متنجس ) مع الكراهة وتندب إعادته بطاهر قاله في الطراز وصلة رمي ( على الجمرة ) وهو موضع البناء وما حوله والمطلوب الرمي على ما حوله ; إذ البناء مجرد علامة على المحل لئلا ينسى .

قال في منسكه ولا ترم على البناء بل ارم أسفله بموضع الحصى ، وسيقول وفي إجزاء ما وقف بالبناء تردد فإن رمى البناء فإن نزل الحصى أسفله أجزأ وإن وقف في شق [ ص: 291 ] البناء ففي إجزائه تردد ، ولا يجزئ ما وقع على ظهر جمرة العقبة قطعا ، وعبارة ابن فرحون ليس المراد بالجمرة البناء القائم فإنه علامة موضعها . وقال الباجي وغيره الجمرة اسم لموضع الرمي سميت باسم ما يرمى فيها وهي الحجارة وتجزئ الحصاة المرمية في الموضع المخصوص إن لم تصب غيره قبل وصولها إليه بل ( وإن أصابت ) الحصاة ( غيرها ) أي : الجمرة ابتداء ثم ذهبت لها ( إن ذهبت ) لها ( بقوة ) الرمي ( لا ) تجزئ إن وقعت ( دونها ) أي الجمرة ولم تصل لها أو وصلت لها لا بقوة الرمي بأن وقعت على محل عال ثم تدحرجت من عليه ووصلت الجمرة .

قال في التوضيح سند ولو تدحرجت من مكان عال فرجعت إليها فالظاهر عدم الإجزاء ; لأن الرجوع ليس من فعله ومفهوم دونها مفهوم موافقة بأن رماها فتجاوزتها ووقعت بالبعد عنها . قال ; لأن رميه لم يتصل بها ولا تجزئ الواقعة دونها إن لم تطر حصاة غيرها لها بل ( وإن أطارت ) الحصاة الواقعة دونها حصاة ( غيرها ) فوصلت الحصاة المطار ( لها ) أي : الجمرة ( ولا ) يجزئ ( طين ) ومثله طفل أو هو منه هذا وما بعده محترز حجر . ( و ) لا يجزئ ( معدن ) مستطرق كذهب وفضة ورصاص وحديد ونحاس وقزدير أو غير مستطرق كزرنيخ وزمرد .

( وفي إجزاء ما وقف ) من الحصيات ( بالبناء ) الذي بالجمرة ولم ينزل أسفلها مما يلي ممر الناس وهو الذي كان يميل إليه المنوفي شيخ المصنف وهو المناسب لتفسير الجمرة بالبناء وما تحته وعدم إجزائه ، وهو الذي كان يفتي به سيدي خليل شيخ المصنف والشارح أيضا ، ولعل الجمرة عنده اسم للمكان المجتمع فيه الحصى فقط ( تردد ) للشيخين المتقدمين لعدم نص المتقدمين الحط الظاهر الإجزاء ( و ) صحته فيما بعد يوم العيد ب ( ترتبهن ) أي : [ ص: 292 ] الجمرات بأن يبدأ بالأولى التي تلي مسجد منى ويثني بالوسطى ويختم بالعقبة ، فإن نكس أو ترك الأولى أو بعضها أو الثانية كذلك ولو ساهيا فلا يجزيه ، فإن ذكر في يومها أعاده ولا دم عليه ( و ) إن خرج يومها ورمى لليوم الذي يليه ثم تذكر ( أعاد ما حضر ) وقته ندبا ( بعد ) رمي ( المنسية ) من اليوم الذي مضى وجوبا . ( و ) إعادة رمي ( ما بعدها ) أي : المنسية وجوبا أيضا لوجوب الترتيب في رمي ما هو ( في يومها ) أي : المنسية ( فقط ) لا ما بعدها في يوم آخر فلا يعيده ، فإذا نسي في ثاني العيد الجمرة الأولى ورمى فيه الثانية والثالثة ورمى في ثالثه جمراته كلها أو رمى في رابعه جمراته كلها ثم تذكر قبل غروبه جمرة الثاني الأولى التي نسيها فيرميها وما بعدها في يومها وجوبا ، ويعيد رمي جمرات اليوم الرابع ندبا ، ولا يعيد رمي جمرات الثالث لخروج وقت أدائه .

( وندب تتابعه ) أي : رمي الجمرات فإذا رمى الأولى أردفها بالثانية ولا يفصل بينهما إلا بقدر الدعاء المطلوب ، وإذا رمى الثانية عقبها بالثالثة إلا بقدر ذلك وما تقدم في قوله وتتابعها فهو في تتابع حصيات جمرة العقبة يوم العيد قاله أحمد وعج أو أن ما هنا في تتابع رمي الجمرات وما مر في تتابع حصيات كل جمرة ، وهذا هو الأنسب بقوله ولفظها ولذا ذكر الضمير هنا وفرع على أن ترتيب الجمرات شرط صحة وأن تتابعها وتتابع الحصيات مندوب .




الخدمات العلمية