الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
19284 8473 - (19783) - (4 \ 421 - 422) عن شريك بن شهاب قال: كنت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدثني عن الخوارج، فلقيت أبا برزة في يوم عرفة في نفر من أصحابه فقلت: يا أبا برزة حدثنا بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله: في الخوارج فقال: أحدثك بما سمعت أذناي، ورأت عيناي أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنانير، فكان يقسمها وعنده رجل أسود مطموم الشعر عليه ثوبان أبيضان بين عينيه [ ص: 487 ] أثر السجود، فتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه من قبل وجهه فلم يعطه شيئا، ثم أتاه من خلفه فلم يعطه شيئا. فقال: والله يا محمد ما عدلت منذ اليوم في القسمة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا، ثم قال: " والله لا تجدون بعدي أحدا أعدل عليكم مني قالها ". ثلاثا: ثم قال: " يخرج من قبل المشرق رجال، كأن هذا منهم، هديهم هكذا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يرجعون إليه ووضع يده على صدره، سيماهم التحليق لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم، فإذا رأيتموهم فاقتلوهم، قالها ثلاثا، شر الخلق والخليقة " قالها: ثلاثا. وقد قال حماد: لا يرجعون فيه.

التالي السابق


* قوله: "بما سمعت أذناي ورأت عيناي": جملة "ورأت " حالية؛ أي: والحال أنه رأته عيناي؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون عطفا على "سمعت" بناء على أنه حدث بما بعضه مسموع وبعضه مرئي.

* "أتي": - على بناء المفعول - .

* "مطموم الشعر": أي: مجزوزه ومحلوقه.

* "فقال: والله يا محمد ما عدلت": وهذا كما قال تعالى: ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون [التوبة: 58].

* "فغضب": لقلة معرفته قدر رسالة الله تعالى، وتعدي حده، وإهلاكه نفسه.

* "كأن": - بالتشديد - .

* "هديهم": - بفتح فسكون - أي: بهم.

[ ص: 488 ] * "هكذا": أي: كهدي هذا الرجل، أو هو إشارة إلى ما بعده، وهو الذي بينه بقوله: "يقرؤون القرآن . . . إلخ".

* "لا يجاوز تراقيهم": أي: بالصعود إلى محل القبول، وبالنزول إلى القلب بأن يؤثر فيه.

* "يمرقون": أي: يخرجون.

* "على صدره": أي: قلوبهم لا ترجع إليه، وإلا فجوارحهم وألسنتهم صورة تكون فيه.

* "يخرج آخرهم": أي: مع الدجال.

* "شر الخلق والخليقة": "الخلق": الناس، و"الخليقة": البهائم، وقيل: هما بمعنى، ويريد بهما جميع الخلائق، ولا يخفى أن ظاهر الحديث أنهم كفرة؛ لقوله: "يمرقون من الدين" ولقوله: "شر الخلق والخليقة" فإنه مثل قوله تعالى في الكفرة: أولئك كالأنعام بل هم أضل [الأعراف: 179] وبه يقول أهل الحديث، أو بعضهم، لكن أهل الفقه على إسلامهم، فالمراد بالمروق: الخروج عن حدود الإسلام، أو كماله، والمراد بالخلق والخليقة: المسلمون، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية