الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذن الخوض في النجوم وما يشبهه اقتحام خطر وخوض في جهالة من غير فائدة فإن ما قدر كائن والاحتراز منه غير ممكن بخلاف الطب فإن الحاجة ماسة إليه وأكثر أدلته بما يطلع عليه وبخلاف التعبير وإن كان تخمينا لأنه جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ولا خطر فيه .

التالي السابق


(فإذا الخوض في) علم (النجوم) والتوغل فيه (و) في (ما يشبهه اقتحام خطر) أي: دخول في خطر عظيم (وخوض [ ص: 226 ] في) بحر (جهالة من غير فائدة) تترتب عليها المصالح الشرعية (فإن ما قدر) أي: قدره الله تعالى في سابق علمه (كائن) لا محالة لا يدفعه دافع (والاحتراز) عنه (غير ممكن بخلاف) علم (الطب فإن الحاجة إليه) والضرورة (ماسة) وفي نسخة: داعية (إليه وأكثر أدلته مما يطلع عليها) وفي نسخة: عليه (وبخلاف) علم (التعبير) للرؤيا (وإن كان تخمينا) وحدسا (لأنه مما يطلع عليه وهو جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ولا خطر فيه) ، وأخرج البخاري عن أبي سعيد ومسلم عن ابن عمر وعن أبي هريرة والإمام أحمد وابن ماجه عن ابن رزين والطبراني في الكبير عن ابن مسعود: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. وقد روي ذلك من حديث أنس أيضا عند الإمام أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه، ولفظهم: الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح. وأخرجه الترمذي وصححه وزاد: وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها، وإذا حدث بها وقعت، وأخرجه أبو عوانة في صحيحه والترمذي في الشمائل وابن أبي شيبة في مسنده وكذا أحمد والشيخان كلهم عن أنس ولفظهم: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. وأخرجه كذلك الداري، وأبو داود وأحمد والترمذي، والشيخان عن أنس عن عبادة بن الصامت مثله .

وأخرج ابن النجار عن ابن عمر: جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة، وأخرج الإمام أحمد وابن ماجه عن ابن عمر والإمام أحمد أيضا، عن ابن عباس: جزء من سبعين جزءا من النبوة، ورواه ابن أبي شيبة عن أبي سعيد، فقال: رؤيا المؤمن الصالح، وأخرج الترمذي، والحاكم في الكنى والطبراني في الكبير والبيهقي، عن أبي رزين رؤيا المؤمن جزء من أربعين جزءا من النبوة.

ثم اعلم أن علم الرؤيا من جملة الفراسة وقد عظم الله أمر الرؤيا في جميع كتبه المنزلة وهي من فعل النفس الناطقة ولو لم تكن لها حقيقة لم يكن لإيجاد هذه القوة في الإنسان فائدة، والله يتعالى عن الباطل وهي ضربان: ضرب وهو الأكثر أصغاث أحلام وأحاديث النفس من الخواطر الرديئة، وضرب وهو الأقل صحيح وذلك قسمان: قسم لا يحتاج إلى تأويل وقسم يحتاج إلى تأويل، ولهذا يحتاج المعبر إلى مهارة الفرق بين الأضغاث وبين غيرها وليميز بين طبقات الناس إذ كان فيهم من لا يصح له رؤيا وفيهم من يصح رؤياه، ثم من يصح له ذلك منهم من يرشح أن يلقى إليه في المنام الأشياء الخطيرة ومنهم من لا يرشح لذلك، وسيأتي لذلك تحقيق إن شاء الله تعالى .




الخدمات العلمية