الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                95 - فقد استفدنا منه أن الواقف إذا شرط تقديم العمارة ثم الفاضل عنها للمستحقين ، كما هو الواقع في أوقاف القاهرة ، 96 - فإنه يجب على الناظر إمساك قدر ما يحتاج إليه للعمارة في المستقبل ، وإن كان الآن لا يحتاج الموقوف إلى العمارة على القول المختار للفقيه . وعلى هذا فيفرق بين اشتراط تقديم [ ص: 259 ] العمارة في كل سنة والسكوت عنه ، فإنه مع السكوت تقدم العمارة عند الحاجة إليها ولا يدخر لها عند عدم الحاجة إليها ، ومع الاشتراط تقدم عند الحاجة ويدخر لها عند عدمها ثم يفرق الباقي ; لأن الواقف إنما جعل الفاضل عنها للفقراء . نعم إذا اشترط الواقف تقديمها عند الحاجة إليها لا يدخر لها عند الاستغناء . وعلى هذا فيدخر الناظر في كل سنة قدرا للعمارة . ولا يقال إنه لا حاجة إليه ; لأنا نقول قد علله في النوازل بجواز أن يحدث للمسجد حدث والدار بحال لا تغل . وحاصله جاز خراب المسجد أو بعض الموقوف ، والموقوف لا غلة له فيؤدي الصرف إلى الفقراء من غير ادخار شيء للتعمير إلى خراب العين المشروط تعميرها أولا .

                وصي الواقف ناظر على أوقافه كما هو متصرف في أمواله ولو جعل رجلا وصيا بعد جعل الأول كان الثاني وصيا لا ناظرا ، كما في العتابية من الوقف . 97 - ولم يظهر لي وجهه ، فإن مقتضى ما قالوا في الوصايا أن يكونا وصيين . حيث لم يعزل الأول فيكونان ناظرين . 98 - فليتأمل وليراجع غيره .

                [ ص: 258 ]

                التالي السابق


                [ ص: 258 ] قوله : فقد استفدنا منه أن الواقف إلخ . قال بعض الفضلاء : ما اختاره الفقيه أبو الليث رحمه الله هو القول المعتمد المختار للفتوى في المذهب كما في جامع المضمرات ( 96 ) قوله : فإنه يجب على الناظر إمساك قدر ما يحتاج إليه للعمارة في المستقبل وقد يقال قدر ما يحتاج إليه في المستقبل غير معلوم إذ هو غير منضبط فلا يدري القدر الذي يرصد للعمارة . وهذا أمر جلي لا سترة فيه . وغاية ما يقال : إن الأمر مفوض للناظر فيرصد القدر الذي يغلب على ظنه الحاجة إليه . [ ص: 259 ]

                ( 97 ) قوله : ولم يظهر لي وجه . ربما يوجهه بأن الأول لما تعين للنظر رعاية لمصلحة الوقف لم تكن الحاجة داعية إلى كون الثاني مشاركا له .

                ( 98 ) قوله : فليتأمل وليراجع غيره إلخ . قال بعض الفضلاء : قد راجعنا فوجدنا الخصاف صرح في كتاب الأوقاف بأنهما يكونان ناظرين .




                الخدمات العلمية