الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 144 ] ( ومن زنى في دار الحرب أو في دار البغي ثم خرج إلينا لا يقام عليه الحد ) وعند الشافعي رحمه الله يحد ، لأنه التزم بإسلامه أحكامه أينما كان مقامه .

                                                                                                        ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : " { لا تقام الحدود في دار الحرب } ، ولأن المقصود هو الانزجار وولاية الإمام منقطعة فيهما فيعرى الوجوب عن الفائدة ، ولا تقام بعدما خرج ; لأنها لم تنعقد موجبة فلا تنقلب موجبة ، ولو غزا من له ولاية الإقامة بنفسه كالخليفة وأمير المصر يقيم الحد على من زنى في معسكره ; لأنه تحت يده بخلاف أمير العسكر والسرية لأنه لم تفوض إليهما الإقامة .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الخامس : قال عليه السلام : { لا تقام الحدود في دار الحرب }قلت : غريب وأخرج البيهقي عن الشافعي ، قال : قال أبو يوسف : حدثنا بعض أشياخنا عن مكحول [ ص: 145 ] عن زيد بن ثابت ، قال : لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو ، قال : وحدثنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمير بن سعد الأنصاري ، وإلى عماله أن لا يقيموا حدا على أحد من المسلمين في أرض الحرب ، حتى يخرجوا إلى الأرض المصالحة ، قال الشافعي : ومن هذا الشيخ ؟ ومكحول لم ير زيد بن ثابت انتهى .

                                                                                                        وهذا الأخير رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عن حكيم بن عمير به ، وزاد : لئلا تحمله حمية الشيطان أن يلحق بالكفار انتهى .

                                                                                                        أثر آخر :

                                                                                                        رواه ابن أبي شيبة أيضا حدثنا ابن المبارك عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن حميد بن فلان بن رومان ، أن أبا الدرداء نهى أن يقام على أحد حد في أرض العدو ، انتهى .

                                                                                                        [ ص: 146 ] حديث مرفوع : أخرجه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن بسر بن أرطاة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا تقطع الأيدي في السفر }انتهى .

                                                                                                        ولفظ الترمذي : في الغزو ، قال الترمذي : حديث غريب ، والعمل عليه عند بعض أهل العلم ، منهم الأوزاعي يرون أن لا يقام الحد في الغزو بحضرة العدو ، ومخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو ، فإذا رجع الإمام إلى دار الإسلام أقام عليه الحد انتهى .

                                                                                                        وبسر بن أرطاة ، ويقال .

                                                                                                        ابن أبي أرطاة اختلف في صحبته ، قال البيهقي في " المعرفة " : أهل المدينة ينكرون سماع بسر بن أبي أرطاة من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان يحيى بن معين يقول : بسر بن أبي أرطاة [ ص: 147 ] رجل سوء ، قال البيهقي : وذلك لما اشتهر من سوء فعله في قتال أهل الحرة انتهى .

                                                                                                        وقال ابن سعد في " الطبقات " : قال الواقدي : بسر بن أبي أرطاة أدرك النبي صلى الله عليه وسلم صغيرا ، ولم يسمع منه شيئا ، وقال غيره : إنه سمع منه ، انتهى .

                                                                                                        واستدل البيهقي للشافعي في إقامة الحدود بدار الحرب بإطلاق الآيات الواردة في حد الزاني ، وقطع السارق .

                                                                                                        وجلد القاذف ، وبما أخرجه أبو داود في " المراسيل " عن مكحول عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أقيموا حدود الله في السفر والحضر ، على القريب والبعيد ، ولا تبالوا [ ص: 148 ] في الله لومة لائم } ، ورويناه بإسناد موصول في " السنن " انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية