الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        القتل بالسحر لا يثبت بالبينة ؛ لأن الشاهد لا يعلم قصد الساحر ، ولا يشاهد تأثير السحر ؛ وإنما يثبت ذلك بإقرار الساحر ، وقد سبق في الجنايات أنه إذا قال : قتلته بسحري ، وسحري يقتل غالبا ؛ فقد أقر بقتل العمد . وإن قال : وهو يقتل نادرا ، فهو إقرار بشبه العمد ، وإن قال : أخطأت من اسم غيره إلى اسمه ؛ فهو إقرار بالخطأ ، ثم دية شبه العمد ، ودية الخطأ المخففة كلاهما في مال الساحر ، ولا تطالب العاقلة بشيء إلا أن يصدقوه ؛ لأن إقراره عليهم لا يقبل ، كما سيأتي في باب العاقلة إن شاء الله تعالى . وقوله في " الوجيز " هي على العاقلة خطأ وسبق قلم ، لم يذكره غيره ، ولا هو في " الوسيط " .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال الشافعي رحمه الله في " الأم " : لو قال : أمرض بسحري ولا أقتل ، وأنا سحرت فلانا فأمرضته ؛ عزر ، قال : ولو قال : لا أمرض به ، ولكن أوذي ؛ نهي عنه ؛ فإن عاد عزر ؛ لأن السحر كله حرام .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا قال : أمرضته بسحري ولم يمت به ؛ بل بسبب آخر ، نص الشافعي رحمه الله في " المختصر " أنه لوث يقسم به الولي ، ويأخذ الدية .

                                                                                                                                                                        قال الإمام : وفيه قول مخرج : أنه ليس بلوث ؛ والمذهب والمنصوص في " الأم " وما عليه الجمهور ؛ أنه إن بقي متألما إلى أن [ ص: 348 ] مات ، حلف الولي ، وأخذ الدية ، وذلك قد يثبت بالبينة ، وقد يثبت باعتراف الساحر ؛ وإن ادعى الساحر البرء من ذلك المرض وقد مضت مدة يحتمل البرء فيها ؛ فالقول قوله بيمينه ، وعلى هذا يحمل نص " المختصر " .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : قتلت بسحري جماعة ، ولم يعين أحدا ؛ فلا قصاص ولا يقتل حدا ؛ خلافا لأبي حنيفة رحمه الله .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا أصاب غيره بالعين ، واعترف بأنه قتله بالعين فلا قصاص ، وإن كانت العين حقا ؛ لأنه لا يفضي إلى القتل غالبا ، ولا يعد مهلكا .

                                                                                                                                                                        قلت : ولا دية فيه أيضا ولا كفارة ، ويستحب للعائن أن يدعو للمعين بالبركة ؛ فيقول : اللهم بارك فيه ولا تضره ، وأن يقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، وفي صحيح مسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ، وإذا استغسلتم فاغسلوا " قال العلماء : الاستغسال أن يقال للعائن : اغسل داخلة إزارك مما يلي الجلد بماء ، ثم يصب على المعين .

                                                                                                                                                                        وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان يؤمر العائن أن يتوضأ ، ثم يغتسل منه المعين .

                                                                                                                                                                        وقد جاء في هذه المسألة أحاديث في الصحيح وغيره وغيرها أوضحتها في أواخر كتاب " الأذكار " . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية