الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
261 - ( 19 ) - حديث : { إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم } ، متفق عليه من حديث أبي هريرة وأبي ذر ، والبخاري من حديث ابن عمر ، ولفظ ابن ماجه فيه : { أبردوا بالظهر }.

وفي الباب ، عن أبي موسى ، وعائشة ، والمغيرة ، وأبي سعيد ، وعمرو بن عبسة ، وصفوان والد القاسم ، وأنس ، وابن عباس ، وعبد الرحمن بن علقمة ، وعبد الرحمن بن جارية ، وصحابي لم يسم . [ ص: 324 ] ورواه مالك من رواية عطاء بن يسار مرسلا ، وروي عن عمر موقوفا . فحديث أبي موسى رواه النسائي بلفظ : { أبردوا بالظهر فإن الذي تجدونه في الحر من فيح جهنم }. وحديث عائشة ، رواه ابن خزيمة بلفظ : { أبردوا بالظهر في الحر }. وحديث المغيرة رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان ، وتفرد به إسحاق الأزرق ، عن شريك ، عن طارق ، عن قيس عنه ، وفي رواية للخلال : { وكان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإبراد }. وسئل البخاري عنه فعده محفوظا ، وذكر الميموني عن أحمد أنه رجح صحته ، وكذا قال أبو حاتم الرازي : هو عندي صحيح . وأعله ابن معين بما روى أبو عوانة ، عن طارق ، عن قيس ، عن عمر موقوفا ، وقال : لو كان عند قيس ، عن المغيرة مرفوعا لم يفتقر إلى أن يحدث به عن عمر موقوفا ، وقوى ذلك عنده أن أبا عوانة أثبت من شريك ، والله أعلم . وحديث أبي سعيد : رواه البخاري بلفظ : { أبردوا بالظهر }. وحديث عمرو بن عبسة : رواه الطبراني . [ ص: 325 ] وحديث صفوان : رواه ابن أبي شيبة والحاكم والبغوي ، من طريق القاسم بن صفوان ، عن أبيه بلفظ : { أبردوا بصلاة الظهر } ، الحديث . وحديث أنس رواه . وحديث ابن عباس رواه البزار بلفظ : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك يؤخر الظهر حتى يبرد ، ثم يصلي الظهر والعصر }الحديث وفيه : عمر بن صهبان ، وهو ضعيف . وحديث عبد الرحمن بن جارية : رواه الطبراني . وحديث عبد الرحمن بن علقمة : رواه أبو نعيم . وحديث الصحابي المبهم : رواه الطبراني . وحديث عمر تقدم مع المغيرة .

( فائدة ) :

قال ابن العربي في القبس : ليس في الإبراد تحديد إلا بما ورد في حديث ابن مسعود - يعني الذي أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم ، من طريق الأسود عنه ، { كان قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام ، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام }

( تنبيه ) :

يعارض حديث الإبراد ما رواه مسلم ، عن خباب { شكونا إلى [ ص: 326 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا }قيل معناه ولم يعذرنا ولم يزل شكوانا والهمزة للسلب كأعجمت الكتاب أي أزلت أعجمته وقيل معناه لم يحوجنا إلى الشكوى بل رخص لنا في التأخير ، والأول يدل عليه ما رواه ابن المنذر والبيهقي ، من حديث سعيد بن وهب ، عن خباب { شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء فما أشكانا وقال : إذا زالت الشمس فصلوا } ، ومال الأثرم والطحاوي إلى نسخ حديث خباب . قال الطحاوي : ويدل عليه حديث المغيرة : { كنا نصلي بالهاجرة فقال لنا : أبردوا }فبين أن الإبراد كان بعد التهجير ، وحمل بعضهم حديث الإبراد على ما إذا صار الظل فيئا . وحديث خباب ، على ما إذا كان الحصى لم يبرد ، لأنه لا يبرد حتى تصفر الشمس ، فلذلك رخص في الإبراد ، ولم يرخص في التأخير إلى خروج الوقت . حديث : { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء إلى ثلث الليل ، أو نصفه } ، تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية