الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 239 ] وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا .

لما كان النهي عن الجهر بالدعاء ، أو قراءة الصلاة ; سدا لذريعة زيادة تصميمهم على الكفر أعقب ذلك بأمره بإعلان التوحيد ; لقطع دابر توهم من توهموا أن الرحمن اسم لمسمى غير مسمى اسم الله ، فبعضهم توهمه إلها شريكا ، وبعضهم توهمه معينا وناصرا ، أمر النبيء بأن يقول ما يقلع ذلك كله ، وأن يعظمه بأنواع من التعظيم .

وجملة " الحمد لله " تقتضي تخصيصه تعالى بالحمد ، أي قصر جنس الحمد عليه تعالى ; لأنه أعظم مستحق لأن يحمد ، فالتخصيص ادعائي بادعاء أن دواعي حمد غير الله تعالى في جانب دواعي حمد الله بمنزلة العدم ، كما تقدم في سورة الفاتحة .

و ( من ) في قوله " من الذل " بمعنى لام التعليل .

والذل : العجز والافتقار ، وهو ضد العز ، أي ليس له ناصر من أجل الذل ، والمراد : نفي الناصر له على وجه مؤكد ، فإن الحاجة إلى الناصر لا تكون إلا من العجز عن الانتصار للنفس ، ويجوز تضمين ( الولي ) معنى المانع فتكون ( من ) لتعدية الاسم المضمن معناه .

ومعنى " كبره " اعتقد أنه كبير ، أي عظيم العظم المعنوي الشامل لوجوب الوجود والغنى المطلق ، وصفات الكمال كلها الكاملة التعلقات ; لأن الاتصاف بذلك كله كمال ، والاتصاف بأضداد ذلك نقص وصغار معنوي .

[ ص: 240 ] وإجراء هذه الصلات الثلاث على اسم الجلالة الذي هو متعلق الحمد ; لأن في هذه الصلات إيماء إلى وجه تخصيصه بالحمد .

والإتيان بالمفعول المطلق بعد " كبره " للتوكيد ، ولما في التنوين من التعظيم ، ولأن من هذه صفاته هو الذي يقدر على إعطاء النعم التي يعجز غيره عن إسدائها .

التالي السابق


الخدمات العلمية