الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويسن بعدها ) إجماعا فلا يعتد بهما قبلها ، وفعل بعض أمراء بني أمية له ؛ لأن الناس كانوا ينفرون عقب الصلاة عن سماع خطبته لكراهتهم له ، بالغ السلف الصالح في رده عليه ( خطبتان ) قياسا على تكرارها في الجمعة ومر أن الخطبة لا تسن لمنفرد ( أركانهما ) وسننهما ( كهي في الجمعة ) فتجب الثلاثة الأول في كل منهما وقراءة آية في إحداهما والدعاء للمؤمنين في الثانية وخرج بأركانهما شروطهما فلا يجب هنا نحو قيام وجلوس بينهما وطهر وستر بل يسن ، نعم لو كان في حال قراءة الآية جنبا بطلت خطبته [ ص: 46 ] لعدم الاعتداد بها منه ما لم يتطهر ويعيدها ، ولا بد في أداء سنتها من كونها عربية لكن المتجه أن هذا شرط لكمالها لا لأصلها بالنسبة لمن يفهمها كالطهارة بل أولى ؛ لأن اعتناء الشارع بنحو الطهارة أعظم ألا ترى أن العاجز عن العربية يخطب بلسانه لمثله كما مر وعن الطهورين لا يخطب أصلا ، فإذا لم يشترط في صحتها الطهر فأولى كونها عربية ، ولا بد في ذلك أيضا من سماع الحاضرين لها بالفعل لكن يظهر الاكتفاء بسماع واحد ؛ لأن الخطبة تسن للاثنين ، ثم هي وإن كانت كخطبة الجمعة في سننها إلا أنها تزيد بسنن أخرى تعلم من قوله ( ويعلمهم ) ندبا ( في الفطر الفطرة ) أي زكاتها ( و ) في ( الأضحى الأضحية ) أي أحكامها التي تعم الحاجة إليها للاتباع في بعض ذلك رواه الشيخان ولما فيه من عظم نفعهم ( يفتتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع ولاء ) إفرادا في الكل وهي مقدمة لها لا منها ولا ينافيه التعبير بالافتتاح ؛ لأن الشيء قد يفتتح ببعض مقدماته

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فلا يجب هنا نحو قيام إلخ ) قال في التوسط لا خفاء أن الكلام إذا لم ينذر الصلاة والخطبة أما لو نذر وجب أن يخطبها قائما نص عليه في الأم ويستحب الجلوس قبلهما للاستراحة قال الخوارزمي قدر الأذان شرح م ر ( قوله : بطلت خطبته ) فيه نظر وما المانع من الاعتداد بها ، وإن أثم من حيث القراءة ، ثم رأيت في شرح المنهج [ ص: 46 ] ما يصرح بصحة الخطبة حيث قال عقب قوله كخطبتي جمعة في أركان وسنن ما نصه : لا في شروط خلافا للجرجاني وحرمة قراءة الجنب آية في إحداهما ليس لكونها ركنا بل لكون الآية قرآنا ، لكن لا يخفى أنه يعتبر في أداء السنة الإسماع والسماع وكون الخطبة عربية ا هـ وعلى هذا فلو قرأ الجنب الآية لا بقصد قرآن فهل تجزي لقراءته ذات الآية أو لا ؛ لأنها لا تكون قرآنا إلا بالقصد فيه نظر ( قوله : كما مر ) أي في الجمعة لكن هذا العاجز هل يترجم عن الآية ؛ لأنها ركن فلا بد من الإتيان بها أولا وتسقط في هذه الحالة ، لكنه يقف بقدرها لفوات إعجاز القرآن بالترجمة فيه نظر ، ويؤيد الثاني ما قالوه فيمن عجز في الصلاة عن الفاتحة بالعربية فليتأمل ( قوله : ولاء ) أي فيضر الفصل الطويل وقوله إفرادا أي واحدة واحدة فلا يجمع بين ثنتين مثلا فعلم أن معنى [ ص: 47 ] الولاء غير معنى الإفراد وقد أوضح ذلك في القوت وغيره .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : فلا يعتد بهما إلخ ) فلو قصد أن تقديم الخطبة عبادة وتعمد ذلك لم يبعد التحريم ، وإن لم يوافق م ر عليه مع تردد ، ثم رأيت شيخنا في شرح العباب اختار الحرمة سم على المنهج ويدل على الحرمة قول الروض ولو خطب قبل الصلاة لم يعتد بها وأساء ع ش ( قوله : بالغ إلخ ) خبر وفعل إلخ ، قول المتن ( هنا خطبتان ) ويأتي بهما ، وإن خرج الوقت فلو اقتصر على خطبة فقط لم يكف ، ويسن الجلوس قبلهما للاستراحة قال الخوارزمي قدر الأذان أي في الجمعة نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : وسننهما ) ومنها أن يسلم على من عند المنبر وأن يقبل على الناس بوجهه ثم يسلم عليهم شرح بافضل .

                                                                                                                              ( قوله في إحداهما ) أي والأولى أولى كردي على بافضل ( قوله : فلا يجب نحو قيام إلخ ) فيجوز له أن يخطب قاعدا أو مضطجعا مع القدرة على القيام ، قال في التوسط لا خفاء أن الكلام فيما إذا لم ينذر الصلاة والخطبة أما لو نذر وجب أن يخطبها قائما نص عليه في الأم شرح م ر ا هـ سم قال ع ش وكذا لو نذر الخطبة وحدها وكالقيام غيره من بقية شروط خطبة الجمعة بناء على أن النذر يسلك به مسلك واجب الشرع ومع ذلك لو خالف صح مع الإثم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بطلت خطبته ) فيه نظر وما المانع من الاعتداد بها ، وإن أثم من حيث القراءة ، ثم رأيت في شرح المنهج ما يصرح بذلك حيث قال عقب قوله لا في شروط ، وحرمة قراءة الجنب آية في إحداهما ليس لكونها ركنا بل لكون الآية قرآنا ا هـ وعلى هذا فلو قرأ الجنب آية لا بقصد قرآن فهل تجزي لقراءة ذات الآية أو لا ؛ لأنها لا تكون قرآنا إلا بالقصد ، فيه نظر سم على حج أقول الأقرب الثاني ع ش واعتمده شيخنا فقال ولا بد أن يقصد الجنب القراءة في الآية ليعتد بها ركنا ، وإن حرم عليه ا هـ .

                                                                                                                              وفي الكردي عن فتاوى الجمال الرملي ما يوافقه وفي الشوبري بعد ذكر ما يوافقه : وما ذكره ابن حج أنه لو كان جنبا في حالة القراءة بطلت خطبته محمول على من لم يقصد القراءة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا بد في أداء سنتها إلخ ) اعتمده النهاية والمغني وشيخ الإسلام فقالوا لكن يعتبر في أداء السنة الإسماع والسماع وكون الخطبة عربية ا هـ وزاد شيخنا وكون الخطيب ذكرا ا هـ قال ع ش قوله م ر وكون الخطبة عربية انظر وإن كانوا من غير العرب سم على المنهج أقول ظاهر إطلاق الشارح م ر ذلك ويوجه بأنه ليس الغرض منها مجرد الوعظ بل الغالب عليها الاتباع نظرا لكونها عبادة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لكن المتجه إلخ ) خلافا لشيخ الإسلام والنهاية والمغني كما مر آنفا ( قوله : بالنسبة لمن يفهمها ) يحتمل تعلقه بقوله لكمالها وبقوله لأصلها فعلى الأول يصير المعنى أن كونها عربية ليس شرطا في الأصل مطلقا ولا في الكمال بالنسبة لمن لا يفهمها ، وفيه أن عدم اشتراطها للأصل بالنسبة لمن يفهمها سيما إن كان لا يفهم غيرها لا يخلو عن بعد وعلى الثاني يصير المعنى أن كونها عربية شرط للكمال مطلقا وللأصل بالنسبة لمن لا يفهمها وفيه أنه لو عكس لكان أنسب بأن جعل اشتراطهما للأصل بالنسبة لمن يفهمها لا بالنسبة لمن لا يفهمها اللهم إلا أن يكون المراد بضمير يفهمها غير العربية فليتأمل ، بصري أقول سياق كلام الشارح صريح في الاحتمال الأول من تعلقه بقوله لكمالها ( قوله : بل أولى ) يعني كون العربية ليست شرطا للصحة أولى من كون الطهارة كذلك كردي ( قوله : كما مر ) أي في الجمعة لكن هذا العاجز هل يترجم عن الآية ؛ لأنها ركن فلا بد من الإتيان بها أو لا وتسقط في هذه الحالة لكنه يقف بقدرها لفوات إعجاز القرآن بالترجمة ، فيه نظر ويؤيد الثاني ما قالوه فيمن عجز في الصلاة عن الفاتحة بالعربية فليتأمل سم .

                                                                                                                              ( قوله : ولا بد في ذلك ) أي في أداء سنتها ( قوله : ندبا ) إلى قول المتن وفعلها في المغني وكذا في النهاية إلا قوله نعم لا يسن إلى المتن ، قول المتن ( الفطرة ) بكسر الفاء كما في المجموع وبضمها كما قاله ابن الصلاح كابن أبي الدم وهي في اصطلاح الفقهاء اسم لما يخرج ، مولدة لا عربية ولا معربة وكأنها من الفطرة أي الخلقة فهي صدقة الخلقة مغني ( قوله : أحكامها ) أي أحكام الفطرة والأضحية ( قوله في بعض ذلك ) والذي في الصحيحين بعض أحكام الأضحية في عيدها والذي في أبي داود والنسائي بعض أحكام الفطر في عيده ويقاس بذلك بقية أحكامهما بجامع أنه لائق بالحال كردي على بافضل ، قول المتن ( يفتتح الأولى ) أي لقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ذلك من السنة وفي الحقيقة الخطبة شبيهة بالصلاة هنا ، فإن الركعة الأولى يفتتحها بسبع تكبيرات مع تكبيرة الإحرام والركوع فجملتها تسع والثانية بخمس مع تكبيرة القيام والركوع ، والولاء سنة في التكبيرات وكذا الإفراد فلو تخلل ذكر بين كل تكبيرتين أو قرن بينهما جاز نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر أو قرن بينهما أي أو بين الجميع وقوله جاز أي لكنه خلاف الأولى ا هـ ، قول المتن ( بتسع تكبيرات إلخ ) هل تفوت هذه التكبيرات بالشروع في أركان الخطبة لا يبعد الفوات كما يفوت التكبير في الصلاة بالشروع في القراءة سم على المنهج أقول ويحتمل عدم الفوات ويوجه بما في شرح الروض عن السبكي من طلب الإكثار منه في فصول الخطبة أي بين سجعاتها ع ش أقول في ذلك التوجيه نظر ظاهر ولذا اعتمد الأول الشوبري وكذا شيخنا فقال ويفوت التكبير بالشروع في أركان الخطبة كما قرره الشيخ الطوخي ا هـ

                                                                                                                              قول المتن ( ولاء ) أي فيضر الفصل الطويل وقول الشارح إفرادا أي واحدة واحدة فلا يجمع بين ثنتين مثلا فعلم أن معنى الولاء غير معنى الإفراد سم على حج ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية