الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                الثاني في بيان ما شرعت لأجله قالوا المقصود منها تمييز العبادات من العادات وتمييز بعض العبادات عن بعض كما في النهاية وفتح القدير كالإمساك عن المفطرات . 169 -

                قد يكون حمية أو تداويا 170 - أو لعدم الحاجة إليه والجلوس في المسجد قد يكون للاستراحة وقد يكون قربة . 171 -

                ودفع المال قد يكون هبة أو لغرض دنيوي وقد يكون قربة ، زكاة أو صدقة والذبح قد يكون لأكل فيكون مباحا 172 - أو مندوبا 173 - أو للأضحية فيكون عبادة أو لقدوم أمير فيكون [ ص: 106 ] حراما أو كفرا على قول ثم التقرب إلى الله تعالى يكون بالفرض والنفل والواجب .

                فشرعت لتمييز بعضها عن بعض فتفرع على ذلك أن ما لا يكون عبادة أو ما لا يلتبس بغيره لا تشترط فيه 175 - كالإيمان بالله تعالى - كما قدمناه - والمعرفة والخوف والرجاء والنية وقراءة القرآن 176 - والأذكار لأنها متميزة لا تلتبس بغيرها 177 - وما عدا الإيمان لم أره صريحا ولكنه يخرج على الإيمان المصرح به ثم رأيت ابن وهبان في شرح المنظومة قال إن ما لا يكون إلا عبادة لا يحتاج إلى النية ، [ ص: 107 ] وذكر أيضا أن النية لا تحتاج إلى نية 179 - ونقل العيني في شرح البخاري الإجماع على أن التلاوة والأذكار والآذان لا تحتاج إلى النية

                [ ص: 105 ]

                التالي السابق


                [ ص: 105 ] قوله : وقد يكون حمية أو تداويا .

                فيه أن الإمساك عن المفطرات تداويا هو الحمية كما ورد في الحديث { المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء وأصل كل داء البردة } أي إدخال الطعام على الطعام قبل هضمه وحينئذ يشكل عطف التداوي على الحمية بأو . ( 170 )

                قوله : أو لعدم الحاجة إليه .

                أي المفطر ، فالضمير راجع إلى الجمع باعتبار واحده . ( 171 )

                قوله : ودفع المال : مبتدأ .

                أقول : لا يخفى ما في هذه العبارة من الجزازة وحق العبارة أن يقال : ودفع المال قد يكون لغرض دنيوي هبة أو بيعا ، وقد يكون لغرض أخروي زكاة أو صدقة . ( 172 )

                قوله : أو مندوبا .

                كالذبح بنية التصدق على الفقراء . ( 173 )

                قوله : أو للأضحية فيكون عبادة أقول : حق العبارة أن يقول فيكون [ ص: 106 ] واجبا وعبادة إذ لا يلزم من كون الشيء عبادة أن لا يكون واجبا ، ولا يلزم من كون الشيء واجبا أن يكون عبادة فتأمل . ( 174 )

                قوله : حراما أو كفرا .

                أقول : حق العبارة أن يقول أو حراما أو كفرا ، يعني بعد قوله حراما كما هو الظاهر ، فتكون الذبيحة ميتة كما سيأتي في المبحث الخامس وفي ذبائح الفن الثاني . ( 175 )

                قوله : كالإيمان بالله تعالى .

                كما قدمنا .

                الذي قدمه الإسلام لا الإيمان وهو غيره وإن كانا لا يفترقان . ( 176 )

                قوله : والأذكار .

                قيل عليه أن ذلك إنما هو بالنظر إلى أصل الوضع أما ما حدث فيه عرفا كالتسبيح للتعجب فلا .

                كذا في فتح الباري ولم يتعرض للصلاة على النبي عليه السلام هل هي موضوعة بنفسها للعبادة وإنما تكون عبادة بالنية . ( 177 )

                قوله : وما عدا الإيمان ، لم أره صريحا .

                أقول : صرح بذلك العلامة السمديسي في فتح القدير ، ثم قال : نعم يجب في القراءة إذا كانت منذورة ليتميز الواجب عن غيره وقياسه إن نذر الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، كذلك نعم إن نذر الصلاة كلما ذكر فالذي يظهر أن ذلك لا يحتاج إلى النية لتميزه بسببه . [ ص: 107 ]

                قوله : وذكر أيضا أن النية لا تحتاج إلى نية .

                قال بعض المحققين : إنما لم تحتج النية إلى نية لأنها منصرفة إلى الله تعالى بصورتها فلا جرم لا تفتقر النية إلى نية أخرى ولا حاجة إلى التعليل بأنها لو افتقرت إلى نية أخرى لزم التسلسل ، ولذلك يثاب الإنسان على نية منفردة ولا يثاب على الفعل منفردا لانصرافها بصورتها إلى الله تعالى ، والفعل متردد بين ما لله تعالى وما لغيره .

                وأما كون الإنسان يثاب على النية حسنة وعلى الفعل عشرا ، إذا نوى فلأن الأفعال هي المقاصد والنيات وسائل . ( 179 )

                قوله : ونقل العيني في شرح البخاري الإجماع إلخ .

                هذا يخالف ظاهر ما تقدم في القاعدة الأولى من أن الأذان تشترط فيه النية لتحصيل الثواب وقد نبهنا على ذلك فيما تقدم




                الخدمات العلمية