الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أو حلق في حل بحج ) في أيام النحر ، فلو بعدها فدمان ( أو عمرة ) لاختصاص الحلق بالحرم ( لا ) دم ( في معتمر ) خرج ( ثم رجع من حل ) إلى الحرم ( ثم قصر ) وكذا الحاج إن رجع في أيام النحر وإلا فدم للتأخير ( أو قبل ) عطف على حلق ( أو لمس بشهوة أنزل أو لا ) [ ص: 555 ] في الأصح أو استمنى بكفه أو جامع بهيمة وأنزل ( أو أخر ) الحاج ( الحلق أو طواف الفرض عن أيام النحر ) لتوقتهما بها

التالي السابق


( قوله أو حلق في حل بحج أو عمرة ) أي يجب دم لو حلق للحج أو العمرة في الحل لتوقته بالمكان ، وهذا عندهما خلافا للثاني ( قوله في أيام النحر ) متعلق بحلق بقيد كونه للحج ، ولذا قدمه على قوله أو عمرة فيتقيد حلق الحاج بالزمان أيضا ، وخالف فيه محمد ، وخالف أبو يوسف فيهما ، وهذا الخلاف في التضمين بالدم لا في التحلل فإنه يحصل بالحلق في أي زمان أو مكان فتح . وأما حلق العمرة فلا يتوقت بالزمان إجماعا هداية ، وكلام الدرر يوهم أن قوله في أيام النحر قيد للحج والعمرة ، وعزاه إلى الزيلعي مع أنه لا إيهام في كلام الزيلعي كما يعلم بمراجعته ( قوله فدمان ) دم للمكان ودم للزمان ط ( قوله لاختصاص الحلق ) أي لهما بالحرم وللحج في أيام النحر ط ( قوله خرج ) أي من الحرم ( قوله ثم رجع من حل ) أي قبل أن يحلق أو يقصر في الحل ( قوله وكذا الحاج إلخ ) فيه رد على صاحب الدرر وصدر الشريعة وابن كمال حيث أطلقوا وجوب الدم بخروجه قبل التحلل ثم رجوعه ، فإن ذات الخروج من الحرم لا يلزم المحرم به شيء .

قال في الهداية : ومن اعتمر فخرج من الحرم وقصر فعليه دم عندهما . وقال أبو يوسف : لا شيء عليه ، وإن لم يقصر حتى رجع وقصر فلا شيء عليه في قولهم جميعا لأنه أتى به في مكانه فلم يلزمه ضمانه . ا هـ .

قال في العناية : ولو فعل الحاج ذلك لم يسقط عنه دم التأخير عند أبي حنيفة ا هـ فقد نص على أن الدم الذي يلزم الحاج إنما هو لتأخير الحلق عن أيام النحر ، ويفيد أنه إذا عاد بعدما خرج من الحرم وحلق فيه في أيام النحر لا شيء عليه ، وهذا لا يتوقف فيه من له أدنى إلمام بمسائل الفقه فليتنبه له ، أفاده في الشرنبلالية ( قوله أو قبل إلخ ) حاصله أن دواعي الجماع كالمعانقة والمباشرة الفاحشة والجماع فيما دون الفرج والتقبيل واللمس بشهوة موجبة للدم ، أنزل أو لا قبل الوقوف أو بعده ، ولا يفسد حجه شيء منها كما في اللباب ، وشمل قوله قبل الوقوف أو بعده ثلاث صور : ما إذا كان قبل الوقوف والحلق أو بعده قبل الحلق ، أو بعد الوقوف والحلق قبل الطواف ، ففي الأوليين [ ص: 555 ] حصل الفرق بين الدواعي والجماع لمقتض ، وهو أن الجماع في الأولى مفسد لتعلق فساد الحج بالجماع حقيقة كما قال في البحر ، وإنما لم يفسد الحج بالدواعي كما لا يفسد بها الصوم لأن فساده معلق بالجماع حقيقة بالنص ، والجماع معنى دونه فلم يلحق به ، وفي الثانية موجب للبدنة لغلظ الجناية كما في البحر ، ولم يفسد لتمام حجه بالوقوف ولا شيء من ذلك في الدواعي . وأما الثالثة فاشترك الجماع ودواعيه في وجوب الشاة لعدم المقضي للتفرقة المذكورة لأن الجماع هنا ليس جناية غليظة لوجود الحل الأول بالحلق ، فلذا لم تجب به بدنة ودواعيه ملحقة به في كثير من الأحكام فافهم . [ تنبيه ]

أطلق في التقبيل واللمس فعم ما لو صدرا في أجنبية أو زوجته أو أمته والظاهر أن الأمر كالأجنبية وإن توقف فيه الحموي ، وأخرج بهما النظر إلى فرج امرأة بشهوة فأمنى فإنه لا شيء عليه كما لو تفكر ; ولو أطال النظر أو تكرر وكذا الاحتلام لا يوجب شيئا هندية ط ( قوله في الأصح ) لم أر من صرح بتصحيحه ، وكأنه أخذه من التصريح بالإطلاق في المبسوط والهداية والكافي والبدائع وشرح المجمع وغيرها كما في اللباب ورجحه في البحر بأن الدواعي محرمة لأجل الإحرام مطلقا فيجب الدم مطلقا ، واشترط في الجامع الصغير الإنزال وصححه قاضي خان في شرحه ( قوله وأنزل ) قيد للمسألتين ، فإن لم ينزل فيهما فلا شيء عليه ط ( قوله أو أخر الحاج ) قيد به لأن حلق المعتمر لا يتقيد بالزمان وكذا طوافه ، فلا يلزمه بتأخيرهما شيء ط ( قوله أو طواف الفرض ) أي كله أو أكثره فلو أخر أقله يجب صدقة ، وأشار إلى أنه لو أخر طواف الصدر لا يجب شيء قهستاني ( قوله لتوقتهما ) أي الحلق وطواف الفرض بها أي بأيام النحر عند الإمام ، وهذا علة لوجوب الدم بتأخيرهما . قال في الشرنبلالية : وهذا إذا كان تأخير الطواف بلا عذر ، حتى لو حاضت قبل أيام النحر واستمر بها حتى مضت لا شيء عليها بالتأخير وإن حاضت في أثنائها وجب الدم بالتفريط فيما تقدم كذا في الجوهرة عن الوجيز ، وأفاد شيخنا أنه لا تفريط لعدم وجوب الطواف عينا في أول وقته ، ففي إلزامها بالدم وقد حاضت في الأثناء نظر . ا هـ . وتقدم تمامه في بحث الطواف .




الخدمات العلمية