الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              لكن يبقى قوله { ليطهركم به } نصا في أن فعله متعد إلى غيره . وهذه المسألة إنما أوجب الخلاف فيها ما صار إليه الحنفية والشافعية ، وهي : المسألة الثالثة : حين قالوا : إن الماء المستعمل في رفع الحدث لا يجوز الوضوء به مرة أخرى ; لأن المنع الذي كان في الأعضاء انتقل إلى الماء .

                                                                                                                                                                                                              وقال علماؤنا حينئذ : إن وصف الماء بأنه طهور يقتضي التكرار على رسم بناء المبالغة ، وهذا مما لا يحتاج إليه ، حسبما بيناه في مسائل الخلاف .

                                                                                                                                                                                                              وإنما تنبني مسألة الماء المستعمل على أصل آخر ، وهو أن الآلة إذا أدي بها فرض ، هل يؤدى بها فرض آخر أم لا ؟ فمنع ذلك المخالف قياسا على الرقبة ، إنه إذا أدي بها فرض عتق لم يصلح أن يتكرر في أداء فرض آخر ، وهذا باطل من القول ، فإن العتق إذا أتى على الرق أتلفه ، فلا يبقى محل لأداء الفرض بعتق آخر .

                                                                                                                                                                                                              ونظيره من الماء ما تلف على الأعضاء ، فإنه لا يصح أن يؤدى به فرض آخر لتلف عينه حسا ، كما تلف الرق في الرقبة بالعتق الأول حكما ، وهذا نفيس فتأملوه . وفي الصحيح عن جابر قال { : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل ، فتوضأ فصب علي من وضوئه ، فأفقت } . وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                                              وهذا يدل على أن الماء الفاضل عن الوضوء والجنابة طاهر ، لا على طهارة الماء المستعمل ، كما توهمه علماؤنا ، وهذا خطأ فاحش فتأملوه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية