الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  412 83 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن إسحاق بن عبد الله ، سمع أنسا قال : وجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد معه ناس ، فقمت ، فقال لي : أرسلك أبو طلحة ؟ قلت : نعم . فقال : لطعام ؟ قلت : نعم . فقال لمن معه : قوموا . فانطلق ، وانطلقت بين أيديهم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة هذا الحديث للترجمة كلها ظاهرة ، أما الشق الأول فلأنا قد ذكرنا أن " في المسجد " يتعلق بقوله : " دعا " لا بقوله " لطعام " ، فحصل الدعاء إلى الطعام في المسجد ، وأما الشق الثاني فهو إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله لمن حوله : " قوموا " ، فبهذا التقرير يندفع اعتراض من يقول : إن المطابقة للترجمة في الشق الثاني فقط ، فافهم .

                                                                                                                                                                                  ورجال الحديث قد تكرر ذكرهم ، وإسحاق بن عبد الله ابن أخي أنس من جهة الأم ، وأخرجه البخاري أيضا عن إسماعيل بن أبي أويس وفرقهما ، وأخرجه أيضا في علامات النبوة مطولا وفي الأطعمة والإيمان والنذور ، وأخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن يحيى وفي الأطعمة ، وأبو داود فيه عن القعنبي ، والترمذي فيه عن إسحاق بن موسى عن معن بن عيسى وفي المناقب ، والنسائي فيه عن قتيبة ؛ كلهم عن مالك به ، وأخرجه في الوليمة أيضا .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله ( وجدت ) ؛ أي : أصبت ، ولهذا اكتفى بمفعول واحد .

                                                                                                                                                                                  قوله ( في المسجد ) حال من النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 163 ] وقوله ( ومعه ناس ) جملة اسمية وقعت حالا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أرسلك ) ، ويروى " أأرسلك " بهمزة الاستفهام .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أبو طلحة ) هو زيد بن سهل الأنصاري ، أحد نقباء العقبة ، شهد المشاهد كلها ، روي له اثنان وتسعون حديثا منها للبخاري ثلاثة ، وهو زوج أم أنس ، مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين على الأصح .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال : لطعام ؟ ) ، ويروى : " للطعام ؟ " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال لمن حوله ) منصوب بالظرفية ؛ أي : لمن كان حوله .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فانطلق ) ؛ أي : إلى بيت أبي طلحة ، وفي بعض النسخ : فانطلقوا ؛ أي انطلق النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ومن كان معه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستنبط منه ) : فيه جواز الحجابة وهو أن يتقدم بعض الخدام بين يدي الإمام ونحوه ، وفيه الدعاء إلى الطعام وإن لم يكن وليمة ، وفيه أن الدعاء إلى ذلك من المسجد وغيره سواء لأن ذلك من أعمال البر وليس ثواب الجلوس في المسجد بأقل من ثواب الإطعام ، وفيه دعاء السلطان إلى الطعام القليل ، وفيه أن الرجل الكبير إذا دعي إلى طعام وعلم أن صاحبه لا يكره أن يجلب معه غيره وأن الطعام يكفيهم أنه لا بأس بأن يحمل معه من حضره ، وإنما حملهم النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - إلى طعام أبي طلحة وهو قليل لعلمه أنه يكفي جميعهم ببركته وما خصه الله تعالى به من الكرامة والفضيلة ، وهو من علامات النبوة . .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية