الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 5 ] قد عرفت أن الخطاب كما يرد بالاقتضاء والتخيير فكذا يرد بالحكم الوضعي ، لكون الشيء سببا ، وشرطا ، ومانعا كما سبق ، فعلى هذا لله في كل واقعة رتب الحكم فيها على وصف أو حكمة حكمان :

                                                      أحدهما : نفس الحكم المرتب على الوصف .

                                                      وثانيهما : سببية ذلك الوصف ، والمغايرة بينهما ظاهرة ، إذ صحة القياس في الأول متفق عليها بين القائسين ، وفي الثاني مختلف فيها ملك النصاب سبب وجوب الزكاة

                                                      مثاله : ملك النصاب سبب وجوب الزكاة ; فالملك حكم شرعي ، وهو ذات السبب ، وكونه سببا عبارة عن خطاب الشارع : إن جعلت الملك أمارة وجوب الزكاة ، ووجوب الزكاة عند وجود الملك ، والحول حكم آخر ، وهو الحكم الأصلي المقصود في نفسه ، وقد سبق في الكلام على الخطاب الخلاف في ثبوت خطاب الوضع ، وأنه في الحقيقة لا يخرج عن خطاب التكليف .

                                                      وضعفه المتأخرون أيضا ، لأن القائلين بإثبانه إن أرادوا بالسببية أنها [ ص: 6 ] معرفة للحكم فحق لكنها ليست بحكم شرعي ، وإن أرادوا تأثير الزنا في وجوب الحد فباطل ، لأن الزنا حال حصوله سبب إن لم يصدر عن الشارع شيء فليس لهذه السببية معنى ، فإن صدر فالصادر إما الحكم أو شيء مؤثر في الحكم أو غيرهما ، فإن كان الأول فالمؤثر هو الشارع ، والثاني هو القول بالحسن والقبح وهو باطل ، والثالث اعتراف بأنه ليس بحكم وهو المطلوب ، لا يقال : فقد أجروا القياس في الأسباب ، فقالوا : نصب الزنا علة الرجم ، واللواط في معناه ، لأنا نقول : نمنعه كالحنفية ، وإن سلمناه فلا يكون حكما شرعيا ، فقد أجروا القياس في اللغات وليس ذلك حكما شرعيا .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية