الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 44 ] الفصل الأول : في صفة الأذان

                                                                                                                وهو سبع عشرة جملة من الكلام ، وقول الأصحاب سبع عشرة كلمة مجاز عبروا بالكلمة عن الكلام ، وإلا فهو ثمانية وستون كلمة . والخلاف في مواضع منه أحدها التكبير فعندنا مثنى ، وعند الشافعي وأبي حنيفة أربع ، والأحاديث الصحيحة مختلفة في ذلك وتترجح رواية مذهبنا بعمل أهل المدينة ; فإنها موضع إقامته عليه السلام حالة استقلال أمره ، وكمال شرعه إلى حين انتقاله لرضوان ربه ، والخلفاء بعده كذلك يسمعه الخاص والعام بالليل والنهار برواية الخلف عن السلف رواية متواترة مخرجة له من حين الظن والتخمين إلى حين اليقين ، وأما الروايات الأخر فلا تفيد إلا الظن ، وهو لا يعارض القطع ولذلك رجع أبو يوسف عن مذهب أبي حنيفة - رضي الله عنهم أجمعين - وثانيها ترجيع الشهادتين خالف فيه أبو حنيفة محتجا بأن سبب الترجيع قد انتفى فينتفي ، وذلك أن سببه إغاظة المشركين بالشهادتين أو أمره أبا محذورة بالإعادة للتعليم أو أنه كان شديد البغض له عليه السلام ، فلما أسلم ، ومد في الأذان ، ووصل إلى الشهادتين أخفى صوته حياء من قومه فدعاه عليه السلام ، وعرك أذنه ، وأمره بالترجيع . وجوابه أن الحكم قد ينتفي سببه ويبقى كالرملان في الحج لإغاظة المشركين وهو باق لقول عمر رضي الله عنه : ما لي أرى الرملان ولا من أري مع أنه مخالف في المسألتين ، ولكن قولة عمر وغيره [ ص: 45 ] حجة عليه . لنا ما تقدم من المدينة وما في أبي داود أنه عليه السلام قال لأبي محذورة في تعليمه الأذان : تقول الله أكبر الله أكبر ترفع بها صوتك ، ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله تخفي بها صوتك ، ثم ترفع بالشهادة وكمل له الأذان إلى قوله حي على الفلاح ، ثم قال له : فإن كانت صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال في الكتاب : يكون صوته في ترجيع الشهادتين أرفع من الأول ، قال صاحب الطراز : هذا يقتضي الإسماع بالأول وهو الحق ; لأنه أذان فلا بد فيه من الإعلام قال : والظاهر أنه لا يخفض التكبير على ما في الكتاب ، وهي رواية أشهب عنه وقد تأول بعض المتأخرين خفضه من الكتاب وهو غلط ، قال في سماع أشهب : يرجع المؤذن الأول بخلاف من بعده ، وقال المازري : اختلف في أول الأذان فقيل يخفض فيه الصوت مثل ما قبل الترجيع ، ويبتدئ الرفع من الترجيع ، وقيل يرفع أولا ، ثم يخفض ويرفع من الترجيع إلى آخره ، واختاره لما فيه من موافقة الأحاديث في علو الصوت ، ومما فيه من الإعلام . وثالثها الصلاة [ ص: 46 ] خير من النوم ، عندنا مشروعة خلافا ( ش ح ) في أحد قوليهما ، لنا إجماع المدينة ، وحديث أبي محذورة المتقدم ، قال صاحب الطراز : اختلف في حين مشروعيته فقيل إن عمر - رضي الله عنه - أمر به ، ففي الموطأ قال مالك : بلغني أن المؤذن جاء يؤذن عمر بالصلاة فوجده نائما ، فقال : الصلاة خير من النوم فقال له : اجعلها في نداء الصبح وقيل أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تقدم في حديث أبي محذورة ، ويحتمل أن يكون ذلك من عمر إنكارا لما قاله المؤذن في غير صلاة الصبح .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية