الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 313 ] 583 أبو عثمان الوراق

              وأما أبو عثمان الوراق فله العبادة المشهورة ، كان الإمام أحمد بن حنبل يحمد سيرته ، كان للفقر معتنقا ولا يرى الإمساك والادخار . يتبع آثار ما درج عليه الصدر الأول من صفوة الصحابة وأهل الصفة ، ويقول بالإيثار والمواساة ، أكثر نجوم البغداديين به تخرجوا ، وعنه أخذوا التجرد وسياسة النفوس ورياضتها ، كان يجمع المتعبدين في مسجده يقرئهم القرآن ويعلمهم الأحكام ، ويحثهم على الورع والتقلل ، ويواخي بين أصحابه فيضيف الضعيف إلى القوي ، ويواخي بين المتكسب ومن لا حرفة له ، وبين البصير والضرير ، وبين القارئ وبين من لا يقرأ ليعلمه ويلقنه ، لا يمنع المكتسب من الكسب ، فإذا كان الليل اجتمع أمرهم واحد فأكلوا موضعا واحدا ، وهو كأحدهم ، إن كان عنده شيء أحضره ، كان لا يبيت شيئا ، كان إذا سافر وغزا هو وأصحابه ينزلون المساجد لا يحضرون الدعوات والاجتماع ، إن فتح عليهم في المسجد قبلوه وبذلوه ، وكان يصون أصحابه عن التعرض والمسألة ، فإن جاءه ممن تسكن إليه نفسه قبله لهم . كانت طريقته طريقة السلف المرضية .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية