الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
، ولو قتلت الحرة المنكوحة نفسها قبل أن يدخل بها الزوج لم يسقط مهرها عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى يسقط ; لأن [ ص: 116 ] الحق في المهر لها وقد فوتت المعقود عليه قبل الدخول والتسليم فصار كما لو ارتدت قبل الدخول ، أو قتل المولى أمته ، ولكنا نقول : قتلها نفسها في الإحكام كموتها ، ولو كانت ماتت لم يسقط مهرها ، وإنما قلنا ذلك ; لأن قتلها نفسها هدر في أحكام الدنيا إنما تؤاخذ به في الآخرة ، فأما في الدنيا لا يتعلق به شيء من الأحكام فهو كموتها ، بخلاف قتل المولى أمته ، فإنه معتبر في الأحكام حتى يتعلق به الكفارة إن كان خطأ والضمان إن كان عليها دين ، توضيحه أن بعد قتلها نفسها المهور لورثتها لا لها ، ولم يوجد من الورثة ما كان تفويتا للمعقود عليه ، وقد بينا أن القتل موت في حق غير القاتل ، فأما المهر للمولى بعد قتل الأمة والتفويت وجد من جهته ، فإن قيل : ما تقول فيما إذا كان الوارث هو الذي قتلها . ؟ قلنا : الوارث إذا قتلها صار محروما عن الميراث ، ولا حق له في الميراث هنا ، فلهذا لا يعتبر فعله في إسقاط مهرها ، وهذا بخلاف ردتها ; لأنه معتبر في أحكام الدنيا ، ولأن المهر لها بعد الردة ، وتفويت المعقود عليه كان منها

التالي السابق


الخدمات العلمية