الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت وجوب الطلب ، فالطلب طلبان : طلب إحاطة ، وطلب استخبار ، فأما طلب الإحاطة فمستحق في رحله ومما تحت يده فيلتمس فيه الماء ظاهرا وباطنا ، إما بنفسه ، أو بمن يثق بصدقه ، وأماطلب الاستخبار فمعتبر في المنزل الذي حصل فيه من منازل سفره وليس عليه [ طلبه ] في غير المنزل الذي هو منسوب إلى نزوله فيستخبر من فيه من أهله وغير أهله ، بنفسه ، أو بمن يثق بصدقه عن الماء معهم ، أو في منزلهم فمن استخبر عن الماء الذي في المنزل لم يعمل على خبره إلا أن يثق بصدقه ، ومن استخبره عن الماء الذي بيده عمل على خبره صادقا كان أو كاذبا ، [ لأنه إن كان كاذبا ] فهو كالمانع منه ، فإن وهب له المطلوب منه الماء لزمه قبوله ، لأن وجوب الطلب لاستحقاق القبول ، وكذلك لم يجب عليه طلب المال في الحج : لأنه لو وهب له لم يجب عليه القبول ، فإن بقي في المنزل ناحية يرجو الماء فيها بنفسه راعاها بنفسه أو بمن يثق بصدقه ظاهرا لا باطنا بخلاف رحله ، وليس عليه طلب المال في غير منزله الذي هو منسوب إلى النزول فيه فإذا تحقق عدم الماء إحاطة واستخبارا تيمم ، فلو رأى بعد طلبه وتيممه سوادا أو راكبا لزمه طلب الماء منه ، فإن وجده استعمله ، وإن لم يجده أعاد التيمم : لأنه بعد رؤية الراكب صار متيمما قبل كمال الطلب ، ثم عليه في كل تيمم أن يعيد طلب الماء في غير رحله ، وليس عليه إعادة طلبه في رحله : لأن عدم الماء في رحله يقين ووجوده في غير رحله مجوز .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية