الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا شيء بقتل غراب ) إلا العقعق على الظاهر ظهيرية ، وتعميم البحر رده في النهر ( وحدأة ) بكسر ففتحتين وجوز البرجندي فتح الحاء ( وذئب وعقرب وحية وفأرة ) بالهمزة وجوز البرجندي التسهيل ( وكلب عقور ) أي وحشي ، أما غيره فليس بصيد أصلا ( وبعوض ونمل ) لكن لا يحل قتل ما لا يؤذي ، ولذا قالوا لم يحل قتل الكلب الأهلي إذا لم يؤذ والأمر بقتل الكلاب منسوخ كما في الفتح : أي إذا لم تضر ( وبرغوث وقراد وسلحفاة ) بضم ففتح فسكون ( وفراش ) وذئاب ووزغ وزنبور وقنفذ وصرصر وصياح ليل وابن عرس وأم حبين وأم أربعة وأربعين ، وكذا جميع هوام الأرض لأنها ليست بصيود ولا متولدة من البدن ( وسبع ) [ ص: 571 ] أي حيوان ( صائل ) لا يمكن دفعه إلا بالقتل ، فلو أمكن بغيره فقتله لزمه الجزاء كما تلزمه قيمته لو مملوكا

التالي السابق


( قوله إلا العقعق ) هو طائر أبيض فيه سواد وبياض يشبه صوته العين والقاف قاموس ومثله في الحكم الزاغ . وأنواع الغراب على ما في فتح الباري خمسة : العقعق ، والأبقع : الذي في ظهره أو بطنه بياض . والغداف ، وهو المعروف عند أهل اللغة بالأبقع ، ويقال له غراب البين ، لأنه بان عن نوح عليه الصلاة والسلام واشتغل بجيفة حين أرسله ليأتي بخبر الأرض . والأعصم : وهو ما في رجله أو جناحه أو بطنه بياض أو حمرة . والزاغ ، ويقال له غراب الزرع : وهو الغراب الصغير الذي يأكل الحب ح عن القهستاني ( قوله وتعميم البحر ) حيث جعل العقعق كالغراب .

واعترض على قول الهداية إنه لا يسمى غرابا ولا يبتدئ بالأذى بقوله فيه نظر لأنه دائما يقع على دبر الدابة كما في غاية البيان ( قوله رده في النهر ) أي بما في المعراج من أنه لا يفعل ذلك غالبا ، وبما في الظهيرية حيث قال : وفي العقعق روايتان والظاهر أنه من الصيود ا هـ ( قوله وكلب عقور ) قيد بالعقور اتباعا للحديث ، وإلا فالعقور وغيره ، سواء أهليا كان أو وحشيا بحر ( قوله أي وحشي ) ليس تفسيرا لعقور بل تقييد له ح أي لأن العقور من العقر : وهو الجرح ، وهو ما يفرط شره وإيذاؤه قهستاني ( قوله أما غيره ) أي غير الوحشي : وهو الأهلي ، فليس بصيد أصلا فلا معنى لاستثنائه ، لكن قدمنا عن الفتح أن الكلب مطلقا ليس بصيد لأنه أهلي في الأصل ، وأيضا فإن العقرب وما بعده ليس بصيد أيضا ( قوله وبعوض ) هو صغير البق ، ولا شيء بقتل الكبار والصغار شرنبلالية ( قوله لكن لا يحل إلخ ) استدراك على الإطلاق في النمل ، فإن ظاهره جواز إطلاق قتله بجميع أنواعه مع أن فيه ما لا يؤذي ، وهذا الحكم عام في كل ما لا يؤذي كما صرحوا به في غير موضع ط ( قوله أي إذا لم تضر ) تقييد للنسخ ذكره في النهر أخذا مما في الملتقط : إذا كثرت الكلاب في قرية وأضرت بأهلها أمر أربابها بقتلها ، فإن أبوا رفع الأمر إلى القاضي حتى يأمر بذلك . ا هـ . ( قوله وبرغوث ) بضم الباء والغين ط ( قوله وفراش ) جمع فراشة : هي التي تهافت في السراج قاموس ( قوله ووزغ ) هو سام أبرص بتشديد الميم .

( قوله وأم حبين ) بمهملة مضمومة فموحدة مفتوحة فتحتية على وزن زبير : دويبة تشبه الضب ( قوله وكذا جميع هوام الأرض ) الأولى إبدال جميع بباقي لأن ما قبله من الهوام وهي جمع هامة كل حيوان ذي سم ، وقد تطلق على مؤذ ليس له سم كالقملة ; أما الحشرات فهي جمع حشرة : وهي صغار دواب الأرض كما في الديوان ط عن أبي السعود ( قوله وسبع ) هو [ ص: 571 ] كل حيوان مختطف عاد عادة ( قوله أي حيوان ) أشار إلى ما في النهر من أن هذا الحكم لا يخص السبع لأن غيره إذا صال لا شيء بقتله ذكره شيخ الإسلام ، فكان عدم التخصيص أولى ، إذ المفهوم معتبر في الروايات اتفاقا ا هـ لكن ينبغي تقييد الحيوان بغير المأكول ; لما في البحر من أن الجمل لو صال على إنسان فقتله فعليه قيمته بالغة . ما بلغت لأن الإذن في قتل السبع حاصل من صاحب الحق وهو الشارع ، وأما الجمل فلم يحصل الإذن من صاحبه ( قوله صائل ) أي قاهر حامل على المحرم من الصولة أو الصألة بالهمزة قهستاني ، وقيد به لما مر من أن غير الصائل يجب بقتله الجزاء ولا يجاوز عن شاة . وما في البدائع من أن هذا أي عدم وجوب شيء إنما هو فيما لا يبتدئ بالأذى كالضبع والثعلب وغيرهما ، أما ما يبتدئ به غالبا كالأسد والذئب والنمر والفهد فللمحرم قتله ولا شيء عليه . قال بعض المتأخرين : إنه بمذهب الشافعي أنسب نهر .

قلت : والقائل ابن كمال ، لكن ذكر في الفتح أول الباب كلام البدائع ، وجعله مقابل المنصوص عليه في ظاهر الرواية . ثم قال : ثم رأيناه رواية عن أبي يوسف . قال في الخانية : وعن أبي يوسف الأسد بمنزلة الذئب ، وفي ظاهر الرواية السباع كلها صيد إلا الكلب والذئب ا هـ فافهم ( قوله كما تلزمه قيمته ) أي بالغة ما بلغت لمالكه يعني وقيمة لله تعالى لا تجاوز قيمة شاة بحر .

قلت : هذا لو غير صائل ، أما الصائل فقد علمت أنه لا يجب فيه لله تعالى شيء ; فلذا اقتصر الشارح على قيمة واحدة فافهم .




الخدمات العلمية