الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثاني فيمن تصح ردته وشرطها التكليف .

                                                                                                                                                                        فلا تصح ردة صبي ولا مجنون ، ومن ارتد ثم جن لا يقتل في جنونه ، وكذا من أقر بالزنا ثم جن ، لا يقام عليه الحد ; لأنه قد يرجع عن الإقرار بخلاف ما لو أقر بقصاص ، أو حد قذف ثم جن ، فإنه يستوفى في جنونه ; لأنه لا يسقط برجوعه ، وبخلاف ما لو قامت بينة بزناه ، ثم جن ، قال البغوي : هذا كله على سبيل الاحتياط ، فلو قتل في حال الجنون ، أو أقيم عليه الحد ، فمات لم يجب شيء ، وتصح ردة السكران على المذهب كما سبق في طلاقه ، فإن صححناها ، فارتد في سكره ، أو أقر بالردة ، وجب القتل ، لكن لا يقتل حتى يفيق فيعرض عليه الإسلام ، وفي صحة استتابته في السكر وجهان حكاهما البغوي ، [ ص: 72 ] أحدهما : نعم ، لكن يستحب أن تؤخر إلى الإفاقة ، والثاني : المنع ، وبه قطع ابن الصباغ ; لأن الشبهة لا تزول في ذلك الحال ، ولو عاد إلى الإسلام في السكر ، صح إسلامه ، وارتفع حكم الردة ، وسبق ذكر طريق أنه يصح تصرف السكران فيما عليه دون ماله ، فعلى هذا لا يصح إسلامه وإن صحت ردته ، وقيل : لا يصح قطعا ، والمذهب الأول ، فإن صححنا إسلامه ، فقتله رجل ، لزمه القصاص والضمان على المشهور ، وحكي قول في إهداره ، وإن قلنا : لا تصح ردة السكران ، فقتل تعلق بقتله القصاص والضمان ، وعن ابن القطان : تجب الدية دون القصاص للشبهة ، والصحيح الأول ، ولو ارتد صاحيا ، ثم سكر فأسلم ، حكى ابن كج القطع بأنه لا يكون إسلاما ، والقياس جعله على الخلاف .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية