الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      توكيل المرأة رجلا يزوجها قلت : أرأيت امرأة وكلت وليا يزوجها من رجل ، فقال الوكيل قد زوجتك وادعى الزوج أيضا أن الوكيل قد زوجه وأنكرت المرأة وقالت ما زوجتني وهي مقرة بالوكالة ؟ قال : إذا أقرت بالوكالة لزمها النكاح قلت : فإن أمرت رجلا أن يبيع عبدا لي فذهب فأتاني برجل فقال : قد بعت عبدك الذي أمرتني ببيعه من هذا الرجل ، فقال سيد العبد قد أمرتك ببيعه ولم تبعه وأنت في قولك قد بعته كاذب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : القول قول الوكيل ويلزم الآمر البيع ; لأنه قد أقر بالوكالة .

                                                                                                                                                                                      قلت : فلو أنه قال لرجل قد وكلتك على أن تقبض حقي الذي لي على فلان ، فأتى [ ص: 127 ] الوكيل فقال قد قبضته وضاع مني قال الآمر قد أمرتك ووكلتك بقبض ذلك ولكنك لم تقبضه أيصدق الوكيل أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يقال للغريم أقم البينة أنك قد دفعت إلى الوكيل وإلا فاغرم فإن أقام البينة أنه قد دفع ذلك إلى الوكيل ، كان القول قول الوكيل على التلف ، فإن لم يقم الغريم البينة غرم ولم يكن له على الوكيل غرم لأنه أقر أنه قبض ما أمره به قلت : ولم لا يصدق الوكيل في هذا الموضع وقد أقر له الآمر بالوكالة وقد صدقته في المسائل الأولى ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه ههنا إنما وكله بقبض ماله ، ولا يصدق الوكيل على قوله أنه قد قبض المال إلا ببينة ; لأنه إنما توكل بقبض ماله على توثيق البينة وإنما وكله إذا وكله بقبض المال على أن يشهد على قبض المال ، فإن لم يشهد فادعى أنه قبض لم يصدق إلا أن يصدقه الآمر ، قال : وهذا مخالف للذي أمر رجلا أن يبيع عبده ; لأن هذا لم يتلف للآمر شيئا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت المرأة قد وكلته أن يزوجها ويقبض صداقها فقال : قد زوجتك وقبضت صداقك وقد ضاع الصداق مني ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هذا مصدق على التزويج ولا يصدق على قبض الصداق ولا يشبه هذا البيع ، ألا ترى لو أن رجلا يبيع سلعته كان له أن يقبض الثمن وإن لم يقل أقبض الثمن وليس للمشتري أن يأبى ذلك عليه ، وإن الذي وكل بالتزويج وكلته امرأة بإنكاحها أو رجل وكله في وليته أن يزوج فزوج ، ثم أراد قبض الصداق لم يكن ذلك له ولا يلزم الزوج دفع ذلك إليه كان ضامنا فهذا فرق ما بين الوكالة بقبض الصداق وبين البيع ، إنما الوكالة في قبض الصداق كالوكالة بقبض الديون فلا أرى أن يخرجه إذا ادعى تلفا إلا ببينة تقوم على له قبض الصداق .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية