الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 287 ] وإذا استصنع شيئا جاز استحسانا ( ز ) ، وللمشتري خيار الرؤية ، وللصانع بيعه قبل الرؤية ، وإن ضرب له أجلا صار سلما ( سم ) .

التالي السابق


فصل

( وإذا استصنع شيئا جاز استحسانا ) اعلم أن القياس يأبى الجواز وهو قول زفر ؛ لأنه بيع المعدوم لكن استحسنا جوازه للتعامل بين الناس من غير نكير فكان إجماعا ، وبمثله يترك القياس والنظر ويخص الكتاب والخبر ، ثم قيل هي مواعدة حتى يكون لكل واحد منهما الخيار ، والأصح أنها معاقدة لأن فيه قياسا واستحسانا ، وفرق بين ما جرت به العادة وما لا ، وذلك من خصائص العقود ، وينعقد على العين دون العمل حتى لو جاء بعين من غير عمله جاز .

( وللمشتري خيار الرؤية ) لأنه اشترى ما لم يره .

( وللصانع بيعه قبل الرؤية ) لأنه ملكه والعقد لم يقع على هذا بعينه ، فإذا رآه المستصنع ورضي به لم يكن للصانع بيعه لأنه تعين ، ثم إنما يجوز فيما جرت به العادة من أواني الصفر والنحاس والزجاج والعيدان والخفاف والقلانس والأوعية من الأدم والمناطق وجميع الأسلحة ، ولا يجوز فيما لا تعامل فيه كالجباب ونسج الثياب ، لأن المجوز له هو التعامل على ما مر فيقتصر عليه .

قال : ( وإن ضرب له أجلا صار سلما ) فيشترط له شرائط السلم ، وقالا : لا يصير سلما لأنه استصناع حقيقة ، فبضرب الأجل لا يصير سلما ، كما لا يصير السلم استصناعا بحذف الأجل .

[ ص: 288 ] ولأبي حنيفة أنه أتى بمعنى السلم فيكون سلما ، لأن العبرة للمعاني لا للصور ، ولأنه أمكن جعله سلما فيجعل لورود النص بجواز السلم دون الاستصناع . وجوابهما أن حذف الأجل ليس من خواص الاستصناع ، أما الأجل من خواص السلم ، ويكتفى في الاستصناع بصفة معروفة تحتمل الإدراك ، ولا بد في السلم من استقصاء الصفة على وجه يتيقن بالإدراك فافترقا .




الخدمات العلمية