الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2389 ) مسألة : قال : ( وإن وطئ دون الفرج ، فلم ينزل فعليه دم ، وإن أنزل فعليه بدنة ، وقد فسد حجه ) أما إذا لم ينزل ، فإن حجه لا يفسد بذلك . لا نعلم أحدا قال بفساد حجه ; لأنها مباشرة دون الفرج عريت عن الإنزال ، فلم يفسد بها الحج ، كاللمس ، أو مباشرة لا توجب الاغتسال ، أشبهت اللمس ، وعليه شاة .

                                                                                                                                            وقال الحسن في من ضرب بيده على فرج جاريته : عليه بدنة . وعن سعيد بن جبير : إذا نال منها ما دون الجماع ، ذبح بقرة .

                                                                                                                                            ولنا ، أنها ملامسة من غير إنزال ، فأشبهت لمس غير الفرج . فأما إن أنزل ، فعليه بدنة . وبذلك قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، والثوري ، وأبو ثور .

                                                                                                                                            وقال الشافعي ، وأصحاب الرأي ، وابن المنذر : عليه شاة ; لأنها مباشرة دون الفرج ، فأشبه ما لو لم ينزل . ولنا ، أنه جماع أوجب الغسل ، فأوجب بدنة ، كالوطء في الفرج .

                                                                                                                                            وفي فساد حجه بذلك روايتان : إحداهما ، يفسد . اختارها الخرقي ، وأبو بكر . وهو قول عطاء ، والحسن ، والقاسم بن محمد ، ومالك ، وإسحاق ; لأنها عبادة يفسدها الوطء ، فأفسدها الإنزال عن مباشرة ، كالصيام . والثانية ، لا يفسد الحج . وهو قول الشافعي ، وأصحاب الرأي وابن المنذر ، وهي الصحيحة إن شاء الله ; لأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحد ، فلم يفسد الحج .

                                                                                                                                            كما لو لم ينزل ، ولأنه لا نص فيه ولا إجماع ولا هو في معنى المنصوص عليه ، لأن الوطء في الفرج يجب بنوعه الحد ، ويتعلق به اثنا عشر حكما ، ولا يفترق فيه الحال بين الإنزال وعدمه ، والصيام يخالف الحج في المفسدات ، ولذلك يفسد بتكرار النظر مع الإنزال والمذي وسائر محظوراته ، والحج لا يفسد بشيء من محظوراته غير الجماع ، فافترقا . والمرأة كالرجل في هذا ، إذا كانت ذات شهوة ، وإلا فلا شيء عليها ، كالرجل إذا لم يكن له شهوة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية