الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  426 97 - ( حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث السابق ، ورجاله مشهورون قد ذكروا غير مرة ، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري ، وفي إسناده صيغة الجمع بالتحديث ، والباقي بالعنعنة ، ورواته مدنيون ، وفيه رواية التابعي عن التابعي .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر من أخرجه غيره ) : أخرجه مسلم أيضا في الصلاة عن سعيد بن هارون عن ابن وهب عن مالك ، ويونس ، كلاهما عن الزهري به ، وأخرجه أبو داود في الجنائز عن القعنبي به ، وأخرجه النسائي في الوفاة عن عمرو بن سواد بن الأسود عن مالك به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وما يستنبط منه ) : قوله ( قاتل الله اليهود ) أي : قتلهم الله لأن فاعل يجيء بمعنى فعل أيضا كقولهم : سافر وسارع بمعنى سفر وسرع ، ويقال : معناه : لعنهم الله ، ويقال : عاداهم الله ، ويقال : القتال ههنا عبارة عن الطرد والإبعاد عن الرحمة ، فمؤداه ومؤدى اللعنة واحد ، وإنما خصص اليهود ههنا بالذكر بخلاف ما تقدم لأنهم أسسوا هذا الاتخاذ وابتدؤوا به فهم أظلم ، أو لأنهم أشد غلوا فيه ، وقد استشكل بعضهم ذكر النصارى في الحديث الأول لأنهم ليس لهم نبي بين عيسى وبين نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم غير عيسى عليه الصلاة والسلام ، وليس له قبر لأنه في السماء ، وأجيب عنه بأنه كان فيهم أنبياء أيضا لكنهم غير مرسلين كالحواريين ومريم في قول . ( قلت ) هذا الجواب فيه نظر ؛ لأنه جاء في رواية عن عكرمة ، وقتادة ، والزهري أن الثلاثة الذين أتوا إلى أنطاكية المذكورين في قوله تعالى : إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث كانوا رسلا من الله تعالى ، وهم صادق وصدوق وشلوم ، وعن قتادة : إنهم كانوا رسلا من عيسى صلى الله عليه وسلم ، فعلى هذا لم يكونوا أنبياء فضلا عن أن يكونوا رسلا من الله تعالى ، وأما مريم فزعم ابن حزم وآخرون أنها نبية ، وكذلك سارة أم إسحاق ، وأم موسى عليهما الصلاة والسلام ، وعند الجمهور كما حكاه أبو الحسن الأشعري وغيره من أهل السنة والجماعة أن النبوة مختصة بالرجال ، وليست في النساء نبية .

                                                                                                                                                                                  ومما يستنبط منه : منع البناء على القبر لأن أبا داود أخرج هذا الحديث في باب البناء على القبر ، وروي أيضا عن أحمد بن حنبل ، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني ابن الزبير أنه سمع جابرا يقول : ( سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى أن يقعد على القبر ، وأن يقصص ، وأن يبنى عليه ) ، وأخرجه مسلم أيضا والترمذي ، وفي روايته : ( وأن يكتب عليها ) ، والنسائي أيضا وفي روايته : ( وأن يزاد عليه ) . .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية