الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2101 [ 1077 ] وعن عائشة قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ، فقال لها: أردت الحج ؟ فقالت: والله ما أجدني إلا وجعة . فقال لها: حجي واشترطي ، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني وكانت تحت المقداد .

                                                                                              وفي رواية : ففعلت ذلك عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 360)، ومسلم (1207) (104 و 107 )، وابن ماجه (2937)، والنسائي (5 \ 68).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( حجي واشترطي ، وقولي : اللهم! محلي حيث حبستني ) ; معناه : أنه - صلى الله عليه وسلم - لما استفهمها عن إرادة الحج اعتلت بأنها مريضة ، وأنها خافت إن اشتد مرضها أن يتعذر عليها الإحلال ، بناء منها على أن المحصر بالمرض لا يتحلل إلا بالطواف بالبيت ، وإن طال مرضه ، كما هو مذهب مالك وغيره . وسيأتي إن شاء الله تعالى . فلما خافت هذا أقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، ثم رخص لها في أن تشترط : أن لها التحلل حيث حبسها مرضها . وبظاهر هذا الحديث قال جماعة من العلماء من الصحابة ، والتابعين ، وغيرهم ; منهم : عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وهو قول أحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور . وللشافعي قولان . فقال كل هؤلاء : يجوز الاشتراط في الحج ، وأنه له الفسخ إذا وقع شرطه . ومنع ذلك جماعة أخرى ، وقالوا : إنه لا ينفع ; منهم : ابن عمر ، والزهري ، ومالك ، وأبو حنيفة ; متمسكين بقوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله [ ص: 296 ] وبقوله : ولا تبطلوا أعمالكم واعتذروا عن هذا الحديث بوجهين :

                                                                                              أحدهما : ادعاء الخصوص بهذه المرأة .

                                                                                              وثانيهما : أنهم حملوه على التحلل بالعمرة ، فإنها أرادت أن تحج ; كما جاء مفسرا من رواية ابن المسيب ، وهو : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ضباعة أن تشترط وتقول : (للحج خرجت ، وله قصدت ، فإن قضيته فهو الحج ، وإن حال دونه شيء فهو العمرة) . والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية