الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ) والمعنى أنهم لا يقومون إلى الصلاة إلا لأجل الرياء والسمعة ، لا لأجل الدين .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : ما معنى المراآة وهي مفاعلة من الرؤية ؟

                                                                                                                                                                                                                                            قلنا : إن المرائي يريهم عمله وهم يرونه استحسان ذلك العمل ، وفي قوله ( ولا يذكرون الله إلا قليلا ) وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن المراد بذكر الله الصلاة ، والمعنى أنهم لا يصلون إلا قليلا ، لأنه متى لم يكن معهم أحد من الأجانب لم يصلوا ، وإذا كانوا مع الناس فعند دخول وقت الصلاة يتكلفون حتى يصيروا غائبين عن أعين الناس .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن المراد بذكر الله أنهم كانوا في صلاتهم لا يذكرون الله إلا قليلا ، وهو الذي يظهر مثل التكبيرات ، فأما الذي يخفى مثل القراءة والتسبيحات فهم لا يذكرونها .

                                                                                                                                                                                                                                            الثالث : المراد أنهم لا يذكرون الله في جميع الأوقات سواء كان ذلك الوقت وقت الصلاة أو لم يكن وقت الصلاة إلا قليلا نادرا . قال صاحب " الكشاف " : وهكذا نرى كثيرا من المتظاهرين بالإسلام ، ولو صحبته الأيام والليالي لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة ، ولكن حديث الدنيا يستغرق به أيامه وأوقاته لا يفتر عنه .

                                                                                                                                                                                                                                            الرابع : قال قتادة : إنما قيل : إلا قليلا ، لأن الله تعالى لم يقبله ، وما رده الله تعالى فكثيره قليل ، وما قبله الله فقليله كثير .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية