الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
20781 9053 - (21288) - (5\143 - 144) عن يونس بن يزيد، قال: قال ابن شهاب: قال أنس بن مالك كان أبي بن كعب يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل، ففرج صدري، ثم غسله من ماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة، وإيمانا فأفرغها في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جاء السماء الدنيا، فافتتح فقال: من هذا قال: جبريل قال: هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد قال: أرسل إليه قال: نعم فافتح فلما علونا السماء الدنيا إذا رجل عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة، وإذا نظر قبل يمينه تبسم، وإذا نظر قبل يساره بكى قال: مرحبا بالنبي الصالح، والابن الصالح قال: قلت لجبريل: من هذا قال هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه، وشماله نسم بنيه فأهل اليمين هم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى قال: ثم عرج بي جبريل حتى جاء السماء الثانية فقال: لخازنها افتح فقال له: خازنها مثل ما قال: خازن السماء الدنيا ففتح له " [ ص: 384 ] قال أنس بن مالك: فذكر أنه وجد في السموات آدم، وإدريس، وموسى، وعيسى، وإبراهيم، ولم يثبت لي كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة قال أنس فلما مر جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بإدريس قال: مرحبا بالنبي الصالح، والأخ الصالح قال: فقلت: من هذا؟ قال: هذا إدريس قال: ثم مررت بموسى فقال: مرحبا بالنبي الصالح، والأخ الصالح قلت: من هذا؟ قال: هذا موسى ثم مررت بعيسى فقال: مرحبا بالنبي الصالح، والأخ الصالح قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى ابن مريم قال: ثم مررت بإبراهيم فقال: مرحبا بالنبي الصالح، والابن الصالح قلت: من هذا؟ قال: هذا إبراهيم قال ابن شهاب: وأخبرني ابن حزم، أن ابن عباس، وأبا حبة الأنصاري، يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع صريف الأقلام ".

قال ابن حزم، وأنس بن مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فرض الله على أمتي خمسين صلاة "، قال: "فرجعت بذلك حتى أمر على موسى، فقال: ماذا فرض ربك على أمتك؟ قلت: فرض عليهم خمسين صلاة، فقال لي موسى: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك ". قال: "فراجعت ربي فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك "، قال: "فراجعت ربي عز وجل، فقال: هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي ". قال: "فرجعت إلى موسى، فقال: راجع ربك، فقلت: قد استحييت من ربي ". قال: "ثم انطلق بي حتى أتى بي سدرة المنتهى "، قال: "فغشيها ألوان ما أدري ما هي " قال: "ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك".


"آخر مسند أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه ".

التالي السابق


* قوله : "أرسل إليه؟": أي: الرسول؛ للعروج، وإلا فأمر رسالته صلى الله عليه وسلم [ ص: 385 ] لا يخفى عليهم إلى هذه المدة، كذا قالوا.

"نعم، فافتح": هو على صيغة الأمر من كلام جبرئيل.

* "أسودة": كأغلمة: جمع سواد، وهو الشخص؛ لأنه يرى من بعيد أسود.

* "نسم بنيه" - بفتحتين - : جمع نسمة، وهي الروح، أو النفس، وهذا يدل على بقاء الأرواح والنفوس بعد قبضها عن الأبدان.

* "ولم يثبت": من الإثبات؛ أي: أبي، أو من الثبوت؛ أي: "ما بقي في قلبي" وعلى الوجهين، فكلمة "ثم" في قوله: "ثم مررت بموسى" للتراخي في الإخبار، وإلا لزم معرفة المنازل، مع أن المفروض عدمها.

* "صريف الأقلام": أي: صوت الأقلام الجارية بالأقدار، والأقدار - وإن تقررت وفرغ منها - فهي إلى الآن تكتب، وتجري بها الأقلام في دواوين أخر لأمور يعلمها مالكها - جلت عظمته.

* "هي خمس": أي أداء.

* "وهي خمسون": أي: أجرا؛ إذ كل واحدة منها بعشرة، على قاعدة: من جاء بالحسنة [الأنعام: 160] فثبت القولان الأول والآخر، فلذا قال تعالى: ما يبدل القول لدي [ق 29].

* "ثم أدخلت": على بناء المفعول.

* "جنابذ": جمع جنبذ، معرب "كنبذ" أي: قبب اللؤلؤ.

* * *




الخدمات العلمية