الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 88 ] ( ثم ) إذا لم يتب ( يضرب عنقه ) بالسيف ولا يجوز قتله بغير ذلك للأمر بإحسان القتلة ، وإنما نفعت التوبة هنا بخلاف سائر الحدود ؛ لأن القتل ليس على الإخراج عن الوقت فقط بل مع الامتناع من القضاء وبصلاته يزول ذلك ( وقيل ) لا يقتل لعدم الدليل الواضح على قتله بل ( ينخس بحديدة حتى يصلي أو يموت ) ومر رده ( ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ) ؛ لأنه مسلم ( ولا يطمس قبره ) بل يترك كبقية قبور أصحاب الكبائر وعلى ندب الاستتابة لا يضمنه من قتله قبل التوبة مطلقا لكنه يأثم من جهة الافتيات على الإمام

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وعلى ندب الاستتابة لا يضمنه من قتله إلخ ) مفهومه أن يضمنه على الوجوب وفي شرح البهجة لشيخ الإسلام ما نصه وذكر في المجموع وغيره أنه لو قتله في مدة الاستتابة إنسان أثم ولا ضمان عليه كقاتل المرتد وأنه لو جن أو سكر قبل فعل الصلاة لم يقتل ، فإن قتل وجب القود بخلاف نظيره في المرتد لا قتل على قاتله لقيام الكفر وأنه لا يقتل بترك المنذورة إلى أن قال وما ذكره من وجوب القود على من قتله في جنونه أو سكره كأنه كما قال الأذرعي فيما إذا لم يكن قد توجه عليه القتل وعاند بالترك وبكل حال فيه دلالة على أن الاستتابة واجبة ا هـ ما في شرح البهجة وما ذكره عن المجموع أنه لا ضمان على من قتله في مدة الاستتابة ظاهره عدم الضمان ، وإن قلنا بوجوب التوبة الذي هو قضية كلام المجموع كالروضة وأصلها وهو ظاهر ؛ لأنه استحق القتل فهو مهدر بالنسبة لقاتله [ ص: 89 ] الذي ليس هو مثله واعلم أن الوجه هو وجوب الاستتابة ؛ لأنه من قبيل الأمر بالمعروف وهو واجب على الإمام والآحاد فينبغي وجوب الاستتابة على الجميع ، وإن كان في حق الإمام آكد وينبغي حمل القول بندبها على أنه من حيث جواز القتل بمعنى أنه لا يتوقف جواز القتل عليها فلا ينافي وجوبها من حيث الأمر بالمعروف فليتأمل ذلك ، فإنه ظاهر لا ينبغي الخروج عنه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : إذا لم يتب ) كذا في النهاية وقال المغني إن لم يبد عذرا ثم قال تنبيه قول المتن ثم يضرب عنقه قيده الإسنوي وغيره بما إذا لم يتب ولا حاجة إليه ؛ لأن الكلام فيما إذا تركها ، فإن صلاها زال الترك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بل مع الامتناع من القضاء إلخ ) أي فالعلة مركبة ، فإذا صلى زالت العلة نهاية وهذا صريح فيما مر عن سم عن الإيعاب من أن توبته قضاء تلك الصلاة المتروكة .

                                                                                                                              ( قوله : وبصلاته ) أي بقضائه لتلك الصلاة المتروكة ( يزول ذلك ) أي الامتناع قول المتن ( ينخس بحديدة ) أي في أي محل كان لكن ينبغي أن يتوقى المقاتل ؛ لأن الغرض حمله على الصلاة بالتعذيب ونخسه في المقاتل قد يفوت ذلك الغرض ع ش .

                                                                                                                              قول المتن ( ويغسل ) أي ثم يكفن ( ويصلى عليه ) أي بعد غسله ( ويدفن مع المسلمين ) أي في مقابرهم مغني ونهاية .

                                                                                                                              ( قوله : وعلى ندب الاستتابة إلخ ) مفهومه أنه يضمنه على الوجوب وفي شرح البهجة لشيخ الإسلام ما نصه وذكر في المجموع وغيره أنه لو قتله في مدة الاستتابة إنسان أثم ولا ضمان عليه كقاتل المرتد وأنه لو جن أو سكر قبل فعل الصلاة لم يقتل ، فإن قتل وجب القود بخلاف نظيره في المرتد وما ذكره من وجوب القود على من قتله في جنونه أو سكره كأنه كما قال الأذرعي فيما إذا لم يكن قد توجه عليه القتل وعاند بالترك انتهى وما ذكره عن المجموع أنه لا ضمان على من قتله في مدة الاستتابة ظاهره عدم الضمان ، وإن قلنا بوجوب التوبة وهو ظاهر ؛ لأنه استحق القتل فهو مهدر بالنسبة لقاتله الذي ليس مثله سم وما نقله عن شرح البهجة في النهاية مثله وكذا في المغني إلا قوله وما ذكره من وجوب القود إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : قبل التوبة إلخ ) عبارة النهاية وتوبته على الفور ؛ لأن الإمهال يؤدي إلى تأخير صلوات وقيل يمهل ثلاثة أيام ولو قتله في مدة استتابته أو قبلها إنسان ليس مثله أثم ولا ضمان عليه كقاتل المرتد إلخ وكذا في المغني إلا قوله ليس مثله قال ع ش قوله مر ليس مثله أي في الإهدار ، وإن اختلف سببه كزان محصن أو قاطع طريق مع تارك صلاة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مطلقا ) أي سواء كان القتل في مدة الاستتابة أو قبلها كردي ( قوله : لكنه يأثم إلخ ) .

                                                                                                                              ( خاتمة )

                                                                                                                              قال الغزالي ولو زعم زاعم أن بينه وبين الله تعالى حالة أسقطت عنه الصلاة وأحلت شرب الخمر وأكل مال السلطان كما زعمه بعض من ادعى التصوف فلا شك في وجوب قتله ، وإن كان في خلوده نظر وقتل مثله أفضل من قتل مائة كافر ؛ لأن ضرره أكثر مغني ونهاية قال ع ش قوله مر وأكل مال السلطان أي المال الذي يستحق السلطان قبضه وصرفه لمصالح المسلمين يزعم هذا أنه يستحقه ويمنعه عن صرفه في مصارفه وظاهر أن الحكم لا يتقيد باستحلال الجميع بل متى استحل شيئا من ذلك كفر ( فائدة ) مراتب الكفر ثلاثة أحدها الكفر الأصلي وصاحبه متدين به ومفطور عليه وثانيها الرجوع إليه بعد الإسلام وهو أقبح ولهذا لم يقبل منه إلا الإسلام بخلاف الأول حيث كان فيه الجزية والاستقرار والمن والفداء وثالثها [ ص: 89 ] السب وهو أقبح الثلاثة ، فإنه لا يتدين به وفيه إزراء بأنبياء الله ورسله وإلقاء الشبهة في القلوب الضعيفة فلذلك كانت جريمته أقبح الجرائم ولا تعرض عليه التوبة بخلاف القسم الثاني ؛ لأنه قد يكون فيه له شبهة فتحل عنه والسب لا شبهة فيه ولذا لم يكن عرض التوبة عليه واجبا ولا مستحبا فلا يمتنع الإعراض عنه حتى يقتل تطهيرا للأرض منه فهذا ما ظهر في سبب الإعراض مع القول بقبول التوبة انتهى من السيف المسلول على من سب الرسول للسبكي ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية