الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا عرضت حالة في الصلاة تمنع من وقوعها جمعة في صور الزحام وغيرها ، فهل تتم صلاته ظهرا ؟

                                                                                                                                                                        قولان يتعلقان بأصل . وهو : أن الجمعة ظهر مقصورة ، أم صلاة على حيالها ؟ وفيه قولان اقتضاهما كلام الشافعي .

                                                                                                                                                                        قلت : أظهرهما : صلاة بحيالها . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فإن قلنا : ظهر مقصورة ، فإذا فات بعض شروط الجمعة ، أتمها ظهرا كالمسافر إذا فات شرط قصره . وإن قلنا : فرض على حياله ، فهل يتمها ؟ وجهان . والصحيح مطلقا : أنه يتمها ظهرا . لكن هل يشترط أن يقصد قلبها ظهرا ، أم تنقلب بنفسها ظهرا ؟ وجهان في ( النهاية ) .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح : لا يشترط ، وهو مقتضى كلام الجمهور . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        وإذا قلنا : لا يتمها ظهرا ، فهل تبطل ، أم تبقى نفلا ؟ فيه القولان السابقان فيمن صلى الظهر قبل الزوال ونظائرها . قال إمام الحرمين : قول البطلان ، لا ينتظم تفريعه إذا أمرناه في صورة الزحام بشيء فامتثل ، فليكن ذلك مخصوصا بما إذا خالف .

                                                                                                                                                                        [ ص: 24 ] فرع

                                                                                                                                                                        التخلف بالنسيان ، هل هو كالتخلف بالزحام ؟ قيل : فيه وجهان . أصحهما : نعم ، لعذره . والثاني : لا لندوره وتفريطه . والمفهوم من كلام الأكثرين أن فيه تفصيلا . فإن تأخر سجوده عن سجدتي الإمام بالنسيان ثم سجد في حال قيام الإمام فحكمه كالزحام ، وكذا لو تأخر لمرض . وإن بقي ذاهلا حتى ركع الإمام في الثانية ، فطريقان . أحدهما : كالمزحوم ، فيركع معه على قول ، ويراعي ترتيب نفسه في قول .

                                                                                                                                                                        والطريق الثاني : يتبعه قولا واحدا ، لأنه مقصر فلا يجوز ترك المتابعة . قال الروياني : هذا الطريق أظهر .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الزحام يجري في جميع الصلوات ، وإنما يذكرونه في الجمعة ، لأن الزحمة فيها أكثر ، ولأنه يجتمع فيها وجوه من الإشكال لا يجري في غيرها ، مثل الخلاف في إدراك الجمعة بالملفقة ، والحكمية وبنائها على أنها ظهر مقصورة ، أم لا ؟ ولأن الجماعة فيها شرط ، ولا يمكن المفارقة ما دام يتوقع إدراك الجمعة ، بخلاف سائر الصلوات . إذا عرفت ذلك ، فإذا زحم في سائر الصلوات ، فلم يمكنه السجود حتى ركع الإمام في الثانية ، فالمذهب : أنه على القولين . وقيل : يركع معه قطعا . وقيل : يراعي ترتيب نفسه قطعا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية