الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب حج المرأة بغير ذي محرم

                                                                                                          قال مالك في الصرورة من النساء التي لم تحج قط إنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج لتخرج في جماعة النساء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          82 [ ص: 605 ] - باب حج المرأة بغير ذي محرم

                                                                                                          ( قال مالك في الصرورة ) بفتح الصاد المهملة وضم الراء وإسكان الواو وفتح الراء ( من النساء التي لم تحجج قط ) تفسير للصرورة لصرها النفقة وإمساكها ، ويسمى من لم يتزوج صرورة أيضا ، لأنه صر الماء في ظهره ، وتبتل على مذهب الرهبانية ومنه قول النابغة :


                                                                                                          لو أنها عرضت لأشمط راهب عبد الإله صرورة متلبد



                                                                                                          وبكل من هذين فسر حديث أبي داود مرفوعا : " لا صرورة في الإسلام " وبثالث وهو أن من قتل في الحرم يقتل ، ولا يقبل منه أن يقول : إني صرورة ما حججت ولا عرفت حرمة الحرم خلافا لما كان أهل الجاهلية يقولون لولي الدم : هو صرورة فلا تهجه ( إنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها ، أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها ) لمانع قام به ، وكذا إن لم يرض ( أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج ) بقوله : ( ولله على الناس حج البيت ) ( سورة آل عمران : الآية 97 ) فدخل فيه النساء ( ولتخرج في جماعة النساء ) المأمونة للفرض ، أما التطوع فلا تخرج إلا مع محرم ، فليس المحرم أو الزوج شرطا في وجوب حج الفرض عليها عنده وعند الشافعي ، أما التطوع فلا تخرج إلا مع أحدهما ، وعليه وعلى السفر المباح حمل حديث الموطأ الآتي في أواخر كتاب الجامع عن أبي هريرة : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها " زاد في رواية في الصحيحين : " أو زوج " ويأتي ، إن شاء الله ، بسط الكلام عليه بعون الله ثمة ، ويدل على حمله على ذلك الإجماع على أن المرأة إذا أسلمت بدار الحرب يلزمها الخروج إلى بلاد الإسلام ، وإن لم يكن معها ذو محرم ، فكذلك تحج الفريضة قياسا على الهجرة التي خص بها الحديث بالإجماع ، وكره مالك أن يخرج بها ابن زوجها وإن كان ذا محرم منها .

                                                                                                          قال الباجي : وجهه ما ثبت للربائب من العداوة وقلة المراعاة والإشفاق والحرص على طيب الذكر ، قال : وهذا في حال الانفراد والعدد اليسير .

                                                                                                          أما القوافل العظيمة ، والطرق العامرة [ ص: 606 ] المأمونة فهي مثل البلاد ، والأمن يحصل لها دون نساء وذي محرم ، وروي ذلك عن الأوزاعي ، انتهى . ولم يذكر الجمهور هذا القيد عملا بإطلاق الحديث ، وهو الراجح .




                                                                                                          الخدمات العلمية