الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر محاربة الحسن بن عمران مع جيوش عضد الدولة

في هذه السنة توفي عمران بن شاهين ، فجأة ، في المحرم ، وكانت ولايته ، بعد أن طلبه الملوك والخلفاء وبذلوا الجهد في أخذه ، وأعملوا الحيل ، أربعين سنة ، فلم يقدرهم الله عليه ، ومات حتف أنفه .

فلما مات ولي مكانه ابنه الحسن ، فتجدد لعضد الدولة طمع في أعمال البطيحة ، فجهز العساكر مع وزيره المطهر بن عبد الله ، فأمدهم بالأموال والسلاح والآلات ، وسار المطهر في صفر ، فلما وصل شرع في سد أفواه الأنهار الداخلة في البطائح ، فضاع فيها الزمان والأموال ، وجاءت المدود ، وبثق الحسن بن عمران بعض تلك السدود ، فأعانه الماء فقلعها .

[ ص: 368 ] وكان المطهر إذا سد جانبا انفتحت عدة جوانب ، ثم جرت بينه وبين الحسن وقعة في الماء فاستظهر عليه الحسن ، وكان المطهر سريعا قد ألف المناجزة ، ولم يألف في المصابرة ، فشق ذلك عليه .

وكان معه في عسكره أبو الحسن محمد بن عمر العلوي الكوفي ، فاتهمه بمراسلة الحسن ، وإطلاعه على أسراره ، وخاف المطهر أن تنقص منزلته عند عضد الدولة ، ويشمت به أعداؤه ، كأبي الوفاء وغيره ، فعزم على قتل نفسه ، فأخذ سكينا وقطع شرايين ذراعه ، فخرج الدم منه ، فدخل فراش له ، فرأى الدم فصاح ، فدخل الناس فرأوه ، وظنوا أن أحدا فعل به ذلك ، فتكلم ، وكان بآخر رمق ، وقال : إن محمد بن عمر أحوجني إلى هذا ، ثم مات وحمل إلى بلده كازرون ، فدفن فيها .

وأرسل عضد الدولة من حفظ العسكر ، وصالح الحسن بن عمران على مال يؤديه ، وأخذ رهائنه ، وانفرد نصر بن هارون بوزارة عضد الدولة ، وكان مقيما بفارس فاستخلف له عضد الدولة بحضرته أبا الريان حمد بن محمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية