الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  20709 أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يبلغهن ويعلمهن بني إسرائيل ، ويعمل بهن ، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فكأنه أبطأ فقيل لعيسى : مر يحيى أن يأمر بهذه الكلمات وإلا فأمر بهن أنت ، فقال عيسى ليحيى ذلك ، فقال يحيى : لا تفعل ، فإني أخاف إن أمرت بهن أن أعذب أو يخسف الله بي الأرض ، قال : فجمع يحيى بني إسرائيل [ ص: 340 ] في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد ، ثم جلسوا على شرفه فقال : إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعلمكموهن وآمركم أن تعملوا بهن ، ثم قال : أولاهن ألا تشركوا بالله شيئا ، فإن مثل من يشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا ، فجعله في داره ، وقال : هذه داري وهذا عملي ، فأد إلي عملك ، فجعل يعمل ويؤدي عمله إلى غير سيده ، فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك ؟ وإن الله هو الذي خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيئا ، وآمركم بالصلاة ، فإذا صليتم فلا تلتفتوا في صلاتكم ، فإن الله ينصب - حسبته قال - وجهه لعبده في صلاته ما لم يلتفت ، قال : وآمركم بالصدقة ، فإن مثل الصدقة كمثل رجل أخذه العدو فقدموه ليضربوا عنقه ، فقال : ما تصنعون بضرب عنقي ، ألا أفتدي نفسي منكم بكذا وكذا ؟ قالوا : بلى ، فافتدى نفسه منهم ، فكذلك الصدقة تطفئ الخطيئة ، قال : وآمركم بالصيام ، فإن مثل الصائم كمثل رجل في قوم معه صرة مسك ليس مع أحد من القوم مسك غيره ، فكلهم يحب أن يجد ريحه ، فكذلك الصائم عند الله أطيب من ريح المسك ، وآمركم بذكر الله ، فإن مثل ذكر الله كمثل رجل انطلق فارا من العدو وهم يطلبونه حتى لجأ إلى حصن حصين ، فأفلت منهم ، وكذلك الشيطان لا يحرز منه إلا ذكر الله " .

                                                                  قال يحيى : فأخبرني الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وأنا آمركم بخمس : بالسمع ، والطاعة ، والجماعة ، والهجرة ، والجهاد [ ص: 341 ] في سبيل الله ، فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه حتى يراجع ، ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثا جهنم " ، فقال رجل : يا رسول الله ، وإن صلى وصام ؟ قال : " نعم ، وإن صلى وصام ، ولكن تسموا باسم الله الذي سماكم عباد الله المسلمين المؤمنين " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية