الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2439 ) مسألة : قال : ( وإن منع من الوصول إلى البيت بمرض ، أو ذهاب نفقة ، بعث بهدي ، إن كان معه ، ليذبحه بمكة ، وكان على إحرامه حتى يقدر على البيت ) المشهور في المذهب أن من يتعذر عليه الوصول إلى البيت بغير حصر العدو ، من مرض ، أو عرج ، أو ذهاب نفقة ، ونحوه ، أنه لا يجوز له التحلل بذلك .

                                                                                                                                            روي ذلك عن ابن عمر ، وابن عباس ، ومروان . وبه قال مالك ، والشافعي ، وإسحاق . وعن أحمد ، رواية أخرى : له التحلل بذلك . روي نحوه عن ابن مسعود ، وهو قول عطاء ، والنخعي ، والثوري ، وأصحاب الرأي وأبي ثور ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من كسر ، أو عرج فقد حل ، وعليه حجة أخرى } . رواه النسائي .

                                                                                                                                            ولأنه محصر يدخل في عموم قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } . يحققه أن لفظ الإحصار إنما هو للمرض ونحوه ، يقال : أحصره المرض إحصارا ، فهو محصر ، وحصره العدو ، حصرا ، فهو محصور . فيكون اللفظ صريحا في محل النزاع ، وحصر العدو مقيس عليه . ولأنه مصدود عن البيت ، أشبه من صده عدو .

                                                                                                                                            ووجه الأولى أنه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله ، ولا التخلص من الأذى الذي به ، بخلاف حصر العدو . ولأن { النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير ، فقالت : إني أريد الحج ، وأنا شاكية . فقال : حجي ، واشترطي أن محلي حيث حبستني } . فلو كان المرض يبيح الحل ، ما احتاجت إلى شرط . وحديثهم متروك الظاهر ، فإن مجرد الكسر والعرج لا يصير به حلالا ، فإن حملوه على أنه يبيح التحلل ، حملناه على ما إذا اشترط الحل بذلك ، على أن في حديثهم كلاما ، فإنه يرويه ابن عباس ، ومذهبه خلافه .

                                                                                                                                            فإن قلنا : يتحلل . فحكمه حكم من أحصر بعدو على ما مضى . وإن قلنا : لا يتحلل . فإنه يقيم على إحرامه ، ويبعث ما معه من الهدي ليذبح بمكة ، وليس له نحره في مكانه ; لأنه لم يتحلل . فإن فاته الحج ، تحلل بعمرة ، كغير المريض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية