الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) جاز ( له فيه ) أي في الهدي ( إذا بيع ) لتعذر إرساله ( الإبدال بالأفضل ) دون الأدنى بأن يشتري بقرا أو إبلا بدل غنم ( وإن كان ) المنذور هدية مما لا يهدى ( كثوب ) وعبد ( بيع ) واشتري بثمنه هدي ( وكره بعثه ) لما فيه إيهام تغيير سنة الهدي ( وأهدي به ) بالبناء للمجهول ليشمل رب الثوب وغيره ، وهو راجع للصورتين قبله أي بيع وأهدي به ، وكره بعثه أي فإن بعثه بيع وأهدي به ثم إن ما ذكره من أن ما لا يهدى يباع ، ويبعث ثمنه ليشترى به هدي هو مذهب المدونة هنا ، وهو يقتضي وجوب البيع وظاهرها في كتاب الحج وموضع آخر من النذور جواز تقويمه على نفسه وإخراج قيمته ، وهو مذهب العتبية ، وإلى كون ما في حجها مع العتبية ، وما فيها هنا متخالفين أو متوافقين أشار بقوله ( وهل اختلف ) قول مالك فيهما أي هل حمل ما فيهما على الخلاف ، وكأن قائلا قال له ، وفي أي شيء اختلف فقال ( هل يقومه ) على نفسه كما في المدونة والعتبية ( أو لا ) يقومه بل يبيعه كما في المدونة هنا ( أو لا ) اختلاف بل بينهما وفاق بأن يبيعه ( ندبا ) لا وجوبا ، وما في العتبية من الجواز لا ينافي الندب .

( أو ) التقويم الواقع في العتبية محله ( إذا كان بيمين ) حنث فيها إذ الحالف لا يقصد قربة والبيع الذي في المدونة فيما إذا التزم بغير يمين فهو قاصد القربة ( تأويلات ) ثلاث واحد بالاختلاف واثنان بالوفاق ، ولو قال بعد قوله : وكره بعثه وفيها أيضا مع العتبية له تقويمه على نفسه ، وهل خلاف أو لا فيباع ندبا أو عند انتفاء اليمين تأويلات لكان أوضح ( فإن عجز ) أي قصر ثمن الهدي الذي لا يصل أو ما لا يهدى عن هدي أعلى ( عوض الأدنى ) بأن يشتري به شاة إن أمكن ( ثم ) إن قصر عن الأدنى دفع ثمن الهدي الذي لا يصل أو ما لا يهدى ( لخزنة الكعبة ) جمع خازن أي خدمتها ، وهم بنو شيبة ( يصرف فيها ) أي يصرفونه في مصالحها ( إن احتاجت ، وإلا ) بأن لم تحتج ( تصدق به ) الناذر أو غيره حيث شاء لخزنة الكعبة أو غيرهم ثم أشار إلى مسألة ليست من النذر استطرادا ، وكأنه جواب عن سؤال تقديره هل يجوز أن يشركهم في خدمتها غيرهم فقال ( وأعظم ) أي استعظم ومنع ( مالك ) رضي الله عنه ( أن يشرك ) بفتح التحتية والراء المهملة ( معهم غيرهم ; لأنها ) أي خدمة الكعبة ( ولاية منه عليه الصلاة والسلام و ) لزم ( المشي لمسجد مكة ) لحنث يمين أو نذر في حج أو عمرة بل .

التالي السابق


( قوله : وجاز له فيه ) أي في الهدي سواء كان سليما أو معيبا إذا بيع لتعذر إرساله الإبدال بالأفضل أي بنوع أفضل من نوعه ، وهذا بخلاف ما إذا قال فرسي أو سيفي في سبيل الله وتعذر إرساله لمحل الجهاد فإنه يباع هنا ، ويعوض بثمنه في محله مثله من خيل أو سلاح ، ولا يجوز أن يعوض به من غير جنسه والفرق أن المطلوب في الهدي شيء واحد ، وهو اللحم توسعة للفقراء ولحم الإبل أكثر بخلاف منفعة الفرس والسلاح فإنهما متنافيان ، وما ذكره المصنف من جواز الإبدال بالأفضل هو ما صححه ابن الحاجب وقال ابن بشير يتعين الشراء من نوع الأول ، ولا يخالف إلى الأفضل ( قوله : دون الأدنى ) أي فلا يجوز ما لم يعجز الثمن عن شراء هدي من نوع الأول ، ومن الأفضل منه ، وإلا اشترى هديا أدنى من الأول في الجنس فإن قصر الثمن عن شراء الأدنى دفع لخزنة الكعبة يصرفونها في مصالحها إن احتاجت ، وإلا تصدق به في أي محل كان كما سيأتي . ( قوله : بأن يشتري بقرا أو إبلا بدل غنم ) هذا تصوير للإبدال بالأفضل إشارة إلى أن المراد الأفضلية من حيث النوع .

( قوله : كثوب ، وعبد ) بأن قال ثوبي أو عبدي هدي ( قوله : وإخراج قيمته ) أي ليشترى بها هدي ( قوله أو ما لا يهدى ) أي أو قصر ثمن ما لا يهدى وقوله عوض الأدنى أي عوض بالأدنى ( قوله : ثم لخزنة الكعبة ) هذا قول مالك في المدونة ابن الحاجب ، فإن قصر عن التعويض فقال ابن القاسم يتصدق به حيث شاء ، وفيها أيضا يبعثه لخزنة الكعبة ينفق عليها وقيل يختص أهل الحرم بالثمن ا هـ وهذا الثالث قول أصبغ ، وهو موافق لابن القاسم في أنه يتصدق به ابتداء لكن خالفه في تخصيصه الصدقة بمساكين مكة والمصنف لم يتبع قول ابن القاسم ، ولا أصبغ وإنما تبع قول مالك ، وقيده ابن المواز بقوله إن احتاجت ( قوله أن يشرك معهم غيرهم ) أي في خدمتها والقيام بمصالحها والتصرف فيها والحكم عليها ، وأما نزعها منهم بالكلية فقد نص الحديث على منعه ( قوله : لأنها ) أي خدمتهم إياها ولاية أي بتولية وتمكين منه عليه الصلاة والسلام ، وذلك لأن { النبي صلى الله عليه وسلم أعطى مفاتيحها لجدهم عبد الله بن طلحة ، وقال لا ينزع هذا المفتاح منكم يا بني عبد الدار إلا ظالم } ونص الإمام على منع التشريك لئلا يتوهم أن الممنوع إنما هو نزعها منهم بالكلية . ( تنبيه ) أجمع العلماء على حرمة أخذ خدمة الكعبة أجرة على فتحها لدخول الناس خلافا لما يعتقده بعض الجهلة من أنه ولاية عليهم ، وأنهم يفعلون بالبيت ما شاءوا قاله ح ( قوله : في حج أو عمرة ) متعلق بالمشي أي لزم المشي في حج أو عمرة لمن نذر المشي لمسجد مكة أو حلف به وحنث ، وهذا إذا نذر [ ص: 166 ] المشي أو حلف به لذلك بل ، ولو نذره أو حلف به لصلاة .




الخدمات العلمية