الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وإن الأوثان التي يعبدونها والآلهة التي يقدسونها من ملك أو بشر أو جن لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا يغيثون؛ ولذا قال تعالى:

                                                          قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا .

                                                          من صفات الربوبية القدرة المطلقة، ولا يعبد إلا من يكون قادرا على كشف الضر، والعرب كانوا يعرفون الله تعالى وأنه القادر وحده على كل شيء، فكانوا يستغيثون به إذا أصابهم بأس في البر والبحر، ويعتقدون أنه لا ينجيهم سواه، وإذا مسهم ضر لا يلجأون إلا إليه كما قال: وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ولكنهم عند العبادة يعبدون مع الله غيره من الأوثان، أو الملائكة، أو عيسى كالصابئة والنصارى لا يعرفون المسيح على أنه عبد خلقه الله.

                                                          لهذا يقول لهم: قل ادعوا الذين زعمتم من دونه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم ادعوا الذين زعمتم من دونه أي زعمتم أنهم آلهة من دون الله سبحانه وتعالى: ادعوهم ساعة أن ينزل بكم الضر أو الشدة في البر أو البحر، أو عندما [ ص: 4405 ] يداهمكم ريح صرصر عاتية، فلا يملكون كشف الضر عنكم الفاء هنا للإفصاح، لأنها تفصح عن شرط مقدر يبين ما قبله وبعده بأن يزول عنكم أو تحويله لغيركم، ولذا قال تعالى: ولا تحويلا

                                                          وإذا كانوا لا يستطيعون لكم جلب نفع، ولا دفع ضر، فكيف تعبدونهم؟ والعجز ظاهر حالها، وعجيب أمركم؛ عبادتها مع هذا العجز.

                                                          وإن بعض الذين يدعون كالملائكة والجن والمسيح وعزير، وكانت عبادة هؤلاء من صابئة العرب ويهودهم ونصاراهم، يتضرعون إلى الله ويعبدونه، ولذا قال تعالى فيهم:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية