الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أو ) ركب ( المناسك ) ، وهي ما يفعله من خروجه من مكة إلى رجوعه لمنى ( والإفاضة ) أي الرجوع من منى لطواف الإفاضة والواو بمعنى مع ، وكذا المناسك فقط فيرجع ; لأنها وإن كانت قليلة في نفسها إلا أنها كثيرة معنى ; لأنها المقصودة بالذات ، وأما ركوب الإفاضة فقط فلا رجوع فيه بدليل قوله الآتي كالإفاضة ففي مفهومه تفصيل يدل عليه بقية كلامه ( نحو المصري ) فاعل رجع بل تنازعه رجع ، وأهدى وركب والمراد به من توسطت داره وأولى من قربت كالمدني وسيأتي حكم البعيد جدا كالإفريقي فيلزمه الهدي فقط ( قابلا ) ظرف رجع أي زمنا قابلا ( فيمشي ما ركب ) إن علمه ، وإلا مشى الجميع ( في مثل المعين ) متعلق برجع أي يرجع محرما بما أحرم به أولا ، وعينه في نذره أو يمينه بلفظه أو نيته من حج أو عمرة فلا يرجع بعمرة إن كان عين أولا حجا ، ولا عكسه ( وإلا ) بأن لم يعين واحدا منهما بلفظ ولا نية حين نذره أو حلفه بل نذر المشي مبهما وصرفه في أحدهما ( فله ) في عام رجوعه ( المخالفة ) لما أحرم به أولا ، ومحل الرجوع ( إن ) ( ظن ) الناذر أو الحالف ( أولا ) أي حين خروجه ( القدرة ) على مشي جميع المسافة ، ولو في عامين فخالف ظنه [ ص: 168 ]

( وإلا ) بأن لم يظن القدرة حين خروجه أي ، وقد ظن القدرة حين يمينه على مشي الجميع في عام واحد بأن علم أو ظن حين خروجه العجز ( مشى ) إذا خرج ( مقدوره ) ، ولو نصف ميل ( وركب ) معجوزه ( وأهدى فقط ) من غير رجوع ثانيا أما من ظن العجز حين يمينه أو نوى أن لا يمشي إلا ما يطيقه فإنه يخرج أول عام ، ويمشي مقدوره ، ويركب معجوزه ولا رجوع عليه ، ولا هدي . ثم شبه في لزوم الهدي وعدم الرجوع قوله : ( كأن قل ) ركوبه بحسب مسافته فالهدي فقط ( ولو ) كان ( قادرا ) على المشي ( كالإفاضة ) أي ركب في مسيره من منى لمكة لطواف الإفاضة ( فقط ) من غير ضميمة المناسك ، وأما المناسك فقط فيلزمه الرجوع كما تقدم .

التالي السابق


( قوله : أو المناسك والإفاضة ) هذا قول الإمام مالك ، وهو المعتمد ، وقال ابن يونس الصواب أنه لا رجوع عليه ; لأن بوصوله لمكة بر وإليها كانت اليمين انظر المواق . ا هـ . بن ( قوله : إلى رجوعه لمنى ) أي لرمي جمرة العقبة ( قوله : بمعنى مع ) أي لا بمعنى أو لئلا ينافيه قوله : الآتي كالإفاضة فقط ( قوله : وكذا المناسك ) أي وكذا إذا ركب المناسك فقط ( قوله : فيرجع ) أي وجوبا في العام القابل ليمشي ما ركبه في العام الأول من المناسك مع الإفاضة أو المناسك فقط ومحل وجوب الرجوع للمشي المذكور إن كان قد ذهب لبلده ، وعليه الهدي هنا استحبابا ، وأما إذا مكث في مكة للعام القابل فحج ، ومشى المناسك التي ركبها أولا فإنه يجزيه ( قوله : فلا رجوع ) أي إذا ذهب لبلده ( قوله : ففي مفهومه تفصيل ) أي أن قوله أو ركب المناسك مع الإفاضة مفهومه أنه إذا ركب المناسك فقط فعليه الرجوع إذا ذهب لبلده ، وإن ركب الإفاضة فقط فلا رجوع أصلا ( قوله : نحو المصري ) أي ، وكذا المتوسط بين مصر وإفريقية وأولى القريب من مصر ، وأما القريب من إفريقية فيعطى حكمها أفاده عج .

( قوله : توسطت داره ) أي كانت داره بعيدة من مكة بعدا متوسطا ( قوله : فيلزمه الهدي فقط ) أي ، ولا يلزمه الرجوع فناذر المشي أحواله ثلاثة إما أن تكون بلده قريبة من مكة كالمدني أو بعيدة عنها بعدا متوسطا كالمصري ومن ألحق به ، وإما أن تكون بعيدة جدا كالأفريقي ( قوله : أي زمنا قابلا ) ولا يلزم أن يكون الرجوع فورا ( قوله : وعينه ) أي والحال أنه عينه ( قوله : ومحل الرجوع ) أي محل رجوع من ركب كثيرا ليمشي أماكن ركوبه ( قوله : إن ظن أولا أي حين خروجه ) أي في المرة الأولى القدرة أي أو جزم بها ، وقوله : فخالف ظنه أي أو جزمه وتبين عجزه فركب كثيرا ، وهاتان الحالتان تضربان في حالات النذر أو اليمين الخمسة وهي أن يكون حين النذر أو اليمين معتقدا القدرة على مشي جميع المسافة أو ظانا القدرة أو شاكا فيها أو متوهما لها أو جازما بعدمها فهذه عشرة أحوال يتعين فيها الرجوع ليمشي أماكن ركوبه والهدي [ ص: 168 ]

( قوله : وإلا مشى مقدوره ) أي وإلا يكن ظانا القدرة ولا جازما بها حين خروجه بل كان متوهما لها أو شاكا فيها أو جازما بعدمها ، وقد كان حال اليمين أو النذر جازما بالقدرة أو ظانا لها فهذه ستة يمشي فيها مقدوره ، ويهدي ، ولا رجوع عليه ، ومفهوم قولنا قد كان حين اليمين أو النذر جازما بالقدرة أو ظانا لها أنه لو كان حين اليمين أو النذر شاكا في القدرة أو توهمها أو جزم بعدمها والموضوع أنه في حال الخروج شك في القدرة أو توهمها أو جزم بعدمها فإنه يمشي أولا عام مقدوره ، ولا رجوع ولا هدي في هذه الصور التسع فجملة صور المسألة خمسة وعشرون .

( قوله : أما من ظن العجز حين يمينه ) أي بأن توهم القدرة على المشي ، وكذا إذا شك فيها أو جزم بعدمها والموضوع أنه حين الخروج علم أو ظن العجز ، وعدم القدرة على مشي الجميع أو شك في ذلك ( قوله : بحسب مسافته ) أي ولو كان له بال في نفسه كما عزاه ابن عرفة للمدونة ( قوله : كالإفاضة ) تشبيه في عدم الرجوع والهدي ، وإن كان الهدي في الأول واجبا ، وفي الثاني مندوبا ، وإنما عدل عن العطف للتشبيه لأجل أن يرجع قوله : فقط إلى ما بعد الكاف ، ويعطف ما بعده عليه ( قوله : وأما المناسك فقط ) أي ، وأما إذا ركب المناسك فقط دون الإفاضة ، وقوله : فيلزمه الرجوع أي ، ولا يجب عليه الهدي بل يستحب فقط مراعاة لمن يقول إن من نذر المشي لمكة إنما يلزمه الإتيان لها ماشيا ، ولا يلزمه الإتيان بالمناسك ، ولا بحج ولا عمرة .




الخدمات العلمية