الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 102 ] سياق

                    ما شوهد في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصحابه من كرامات

                    ( أسيد بن حضير ، وعباد بن بشر )

                    46 - أخبرنا عيسى بن علي ، قال : أنا عبد الله بن [ ص: 103 ] محمد بن عبد العزيز ، قال : ثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة ، قال : ثنا حماد بن سلمة \ح\

                    47 - وأنا أحمد بن عبيد ، أنا علي بن عبد الله بن مبشر ، قال : ثنا أحمد بن سنان ، قال : ثنا بهز بن أسد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، قال : أنا ثابت ، عن أنس : أن أسيد بن حضير ، وعباد بن بشر كانا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة ظلماء حندس ، فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما ، فجعلا يمشيان بضوئها ، فلما تفرقا أضاءت عصا الآخر ، واللفظ لحديث بهز ، صحيح على شرط مسلم ، استشهد به البخاري .

                    48 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن القاسم ، وعلي بن محمد بن عبد الله قالا : أنا إسماعيل بن محمد ، قال : ثنا أحمد بن منصور ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس : أن أسيد بن حضير الأنصاري ، ورجلا آخر من الأنصار تحدثا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة لهما حتى ذهب من الليل ساعة وليلة شديدة [ ص: 104 ] الظلمة ، ثم خرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقلبان وبيد كل واحد منهما عصية ، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا في ضوئها ، حتى إذا افترقت لهما الطريق أضاءت للآخر عصاه ، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله .

                    49 - أخبرنا محمد بن الحسن بن الفضل الهاشمي ، وعمر بن زكار ، وعبيد الله المقرئ قالوا : أنا الحسين بن إسماعيل ، قال : ثنا علي بن مسلم ، قال : ثنا حبان ، عن همام ، عن قتادة ، عن أنس : أن رجلين خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ، فإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا ، فتفرق النور معهما . واللفظ لحديث عمر بن زكار أخرجه البخاري ، عن علي بن مسلم .

                    50 - أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، أنا محمد بن هارون الروياني ، قال : ثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء \ح\

                    51 - وأخبرنا أحمد بن عبيد ، أنا علي بن عبد الله بن مبشر ، قال : [ ص: 105 ] ثنا أحمد بن سنان ، قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار دابة ، فجعلت تنفر ، فنظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( اقرأ فلان ، فإنها السكينة نزلت عند القرآن ، أو نزلت للقرآن ) أخرجه البخاري ، ومسلم .

                    52 - أنا عبد الله بن إبراهيم الرياحي ، قال : ثنا أحمد بن يوسف ، قال : ثنا أحمد بن إبراهيم ، قال : ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثني الليث ، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ، عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد الخدري ، عن أسيد بن حضير : أنه كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن ، قال : فقرأت ليلة سورة البقرة - وفرس لي - مربوط ، ويحيى ابني مضطجع قريب منه - فجالت جولة ، فقمت ، مالي هم إلا ابني يحيى ، فسكنت الفرس ، ثم قرأت فجالت الفرس ، فقمت ليس لي هم إلا ابني، [ ص: 106 ] ثم قرأت فجالت ، فرفعت رأسي ، فإذا بشيء كهيئة الظلة فيها المصابيح تقبل من السماء ، فهالني ، فسكت ، فلما أصبحت غدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فقال : ( اقرأ أبا يحيى ) فقلت : قد قرأت فجالت الفرس ، فقمت ليس لي هم إلا ابني يحيى فقال : ( اقرأ أبا يحيى ) فقلت : قد قرأت فجالت الفرس ، فقمت ليس لي هم إلا ابني يحيى ، فقال : ( اقرأ يا ابن حضير ) فقلت : قد قرأت يا رسول الله فرفعت رأسي فإذا كهيئة الظلة فيها مصابيح ، فهالني ، فقال : ( تلك الملائكة دنوا لصوتك ، ولو قرأت حتى تصبح لأصبح الناس ينظرون إليهم ) استشهد به البخاري .

                    53 - أخبرنا محمد بن الحسين الفارسي ، أنا أحمد بن سعيد [ ص: 107 ] الثقفي ، قال : ثنا محمد بن يحيى الذهلي ، قال : أنا عبد الرزاق ، قال أنا معمر ، عن الزهري ، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي ، عن أبي هريرة ، قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت ، وهو جد عاصم بن عمر ، فانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزولا ، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان ، فتبعوهم يقرب من مائة رجل رام ، فاقتفوا آثارهم حتى نزلوا منزلا نزلوه ، فوجدوا فيه تمرا تزودوه من تمر المدينة ، فقالوا : هذا من تمر يثرب ، فاتبعوا آثارهم حتى لحقوهم ، فلما رآهم عاصم بن ثابت وأصحابه لجئوا إلى فدفد ، وجاء القوم فأحاطوا بهم ، فقالوا : لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا لا نقتل منكم رجلا ، فقال عاصم : أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم أخبر عنا رسولك ، فقاتلوهم فرموهم حتى قتلوا ( عاصما في سبعة نفر ) ، ( فنزل إليهم ثلاثة رهط ، وبقي خبيب وزيد ) ورجل آخر ، فأعطوهم العهد والميثاق ، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها ، فقال الرجل الثالث الذي معهما : هذا أول الغدر فأبى أن يصحبهم ، فجرجروه فأبى أن يتبعهم ، فضربوا عنقه ، وانطلقوابخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة ، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن نوفل ، وكان قتل الحارث يوم بدر ، فمكث عندهم أسيرا حتى إذا أجمعوا على قتله استعار موسى [ ص: 108 ] من إحدى بنات الحارث يستحد بها فأعارته ، قالت : فغفلت عن صبي لي ، فدرج إليه ، قالت : فأخذه فوضعه على فخذه ، فلما رأيته فزعت فزعا عرفه في والموسى في يده ، فقال : أتخشين أن أقتله ؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله ، قال : فكانت تقول : ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب ، لقد رأيته يأكل من قطف عنب ، وما بمكة ثمرة ، وإنه لموثق في الحديد ، وما كان إلا رزقا رزقه الله إياه ، قال : ثم خرجوا به من الحرم ليقتلوه ، فقال : دعوني أصلي ركعتين ، قال : فصلى ركعتين ، ثم قال : لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت ، قال : وكان أول من سن الركعتين عند القتل ، ثم قال : اللهم أحصهم عددا ، ثم أنشد :

                    ما أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان في الله مصرعي     وذلك في ذات الإله وإن يشأ
                    يبارك على أوصال شلو ممزع

                    ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله ، قال : وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ، فبعث الله تعالى عليه مثل [ ص: 109 ] الظلة من الدبر ، فحمته من رسلهم ، فلم يقدروا على شيء منه
                    ، أخرجه البخاري من حديث هشام ، عن معمر .

                    54 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن الهيثم الأنباري ، قال : أنا إسماعيل بن محمد ، قال : أنا أحمد بن منصور ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، إنا إذا كنا عندك رأينا من أنفسنا ما نحب ، فإذا رجعنا إلى أهلنا فخالطناهم أنكرنا أنفسنا . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الخلا لصافحتكم الملائكة حتى تظلكم بأجنحتها عيانا " قال عبد الرزاق : قال هو أو غيره : ساعة وساعة .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية