الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

قال : وسماع خاصة الخاصة : سماع ينفي العلل عن الكشف ، ويصل الأبد إلى [ ص: 500 ] الأزل ، ويرد النهايات إلى الأول .

فالكشف هو مكافحة القلب لحقيقة المسموع . وعلله أمران :

أحدهما : الشبه التي تنتفي بهذه المكافحة ، فلا تبقى معها شبهة ، فهذا هو عين اليقين .

والثاني : نفي الوسائط بين السامع والمسموع ، فيغيب بمسموعه عنها ، ويفنى عن شهودها ، ويفنى عن شهود فنائه عنها ، بحيث يشهده هو المسمع لا الواسطة وهو الهادي ، فمنه الإسماع ، ومنه الهداية ، ومنه الابتداء ، وإليه الانتهاء .

وأما وصله الأبد إلى الأزل فهذا إن أخذ على ظاهره فهو محال ، لأن الأبد والأزل متقابلان تقابل التناقض ، فإيصال أحدهما إلى الآخر عين المحال ، وإنما مراده أن ما يكون في الأبد موجودا مشهودا فقد كان في الأزل معلوما مقدرا ، فعاد حكم الأبد إلى الأزل علما وحقيقة ، وصار الأزلي أبديا ، كما كان الأبدي أزليا في العلم والحكم .

وإيضاح ذلك : أن الأبد ظهر فيه ما كان كامنا في الأزل خافيا ، فانتهى الأمر كله إلى علمه وحكمه وحكمته ، وذلك أزلي ، وهذا رد النهايات إلى الأول ، فتصير الخاتمة هي عين السابقة ، والله تعالى هو الأول والآخر ، وكل ما كان ويكون آخرا فمردود إلى سابق علمه وحكمه ، فرجع الأبد إلى الأزل ، والنهايات إلى الأول ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية