الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2173 [ 1107 ] وعن عروة بن الزبير قال : أخبرتني عائشة أن أول شيء بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة أنه توضأ، ثم طاف بالبيت، ثم حج أبو بكر ، فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره ، ثم عمر مثل ذلك، ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره، ثم معاوية، وعبد الله بن عمر، ثم حججت مع أبي الزبير بن العوام ، فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره، ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر، ثم لم ينقضها بعمرة، ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدءون بشيء حين يضعون أقدامهم أول من الطواف بالبيت، ثم لا يحلون ، وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبدآن بشيء أول من البيت ، تطوفان به، ثم لا تحلان ، وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة قط ، فلما مسحوا الركن حلوا .

                                                                                              رواه البخاري (1614)، ومسلم (1235) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ( ثم لم يكن غيره ) في المواضع كلها ، كذا وقع في جميع نسخ مسلم عند جميع رواته . قال القاضي عياض : وهو تغيير ، وصوابه : (ثم لم تكن عمرة) . [ ص: 362 ] وهكذا رواه البخاري ، وبه يستقيم الكلام. قال : ويدل على صحة هذا قوله في الحديث نفسه : ( وآخر من فعل ذلك ابن عمر ، ولم ينقضها بعمرة ) .

                                                                                              قلت : ويحتمل أن يحمل لفظ مسلم على معنى صحيح من غير احتياج إلى تقدير تغيير وتوهيم للرواة الحفاظ ، بأن يقال : إن قوله : ثم لم يكن غيره . يعني : إنه لم يكن تحلل بعمرة ; أي : لم يحدث غير الإحرام الأول. وأفاد ذلك : أن طوافهم الأول لم يكن للعمرة بل للقدوم. وعلى هذا الذي ذكرناه تكون رواية من رواه : (ثم لم تكن عمرة) ; مقيدة لهذه الرواية : ( ثم لم يكن غيره ) . ولا تكون هذه تصحيفا .

                                                                                              وقوله : ( فلما مسحوا الركن حلوا ) يعني بذلك : لمس الحجر في آخر الطواف ، ولم يذكر السعي بين الصفا والمروة ; لأنه قد صار من المعلوم ملازمة السعي للطواف ، فاكتفى بذكره عنه . وأيضا : فقد وردت أخبار عن هؤلاء المذكورين : بأنهم سعوا بعد طوافهم . فتكمل الرواية الناقصة ، ويرتفع الإشكال .




                                                                                              الخدمات العلمية