الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1000 - وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن أبيه قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل ، يعني : يبكي .

وفي رواية قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحا من البكاء ، رواه أحمد ، وروى النسائي الرواية الأولى ، وأبو داود الثانية .

التالي السابق


1000 - ( وعن مطرف ) : بتشديد الراء المكسورة المشددة ( ابن عبد الله ) : بن عامر بن صعصعة ( بن الشخير ) بكسر الشين والخاء المشددة ( عن أبيه ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ولجوفه أزيز ) ، أي : صوت ( كأزيز المرجل ) : بكسر الميم وفتح الجيم : أي القدر إذا غلى ، قال الطيبي : أزيز المرجل صوت غليانه ، ومنه الأز وهو الإزعاج ، قلت : ومنه قوله تعالى : تؤزهم أزا وقيل : المرجل القدر من حديد أو حجر أو خزف ; لأنه إذا نصب كأنه أقيم على الرجل ( يعني : يبكي ) : قال الطيبي : فيه دليل على أن البكاء لا يبطل الصلاة ، قال ابن حجر : وفيه نظر ; لأن الصوت إنما سمع للجوف أو الصدر لا اللسان ، والمختلف في إبطاله إنما هو البكاء المشتمل على الحرف ، والأصح عندنا أنه يبطل وإن كان للآخرة إن ظهر منه حرفان ، هذا إن لم يغلبه ، وإلا فالأصح أنه يبطل كثيره لا قليله ، وحاصل كلامه أنه لا يلزم من البكاء وجود الحروف ، لأنه ينشأ عن خوف يزعج القلب ويقلقه ، وبه يتولد في الجوف ما ينشأ عنه صوت يسمع من داخله لشدة ما حصل للأعضاء الباطنة من الاضطراب والقلق ، واستولى عليها من نار الخوف والحزن ، قال ابن الملك : ولعله غالب عليه . وفي شرح المنية : إذا بكى فيها وحصل منه صوت مسموع فإن كان من ذكر الجنة أو النار أو نحوهما لم يقطعهما ; لأنه بمنزلة الدعاء بالرحمة والعفو ، وإن كان من وجع أو مصيبة يقطعها ; لأنه بمنزلة الشكاية فكأنه قال : بي وجع ، أو أصابتني مصيبة ، وهو من كلام الناس فيفسد ، وعن محمد : أنه إن كان شديد الوجع بحيث لا يملك نفسه لا تفسد .

( وفي رواية قال : رأيته ) ، أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - صح كما في نسخة صحيحة ، ( يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحا من البكاء ) ، أي : من أجله ، قال ابن حجر في شرح الشمائل : هو بالقصر : خروج الدمع مع الحزن ، وبالمد خروجه مع رفع الصوت ، ( رواه أحمد ) ، أي : الروايتين ( وروى النسائي الرواية الأولى ) : قال ميروك : وكذا الترمذي ، ولعله في الدمع وإلا ففي الشمائل روى الرواية الثانية ( وأبو داود الثانية ) .

[ ص: 792 ]



الخدمات العلمية