الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  438 109 - ( حدثنا خلاد قال : حدثنا عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن جابر أن امرأة قالت : يا رسول الله ، ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه ؟ فإن لي غلاما نجارا . قال : إن شئت فعملت المنبر ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قال الكرماني : الحديث لا يدل على الشق الآخر من الترجمة ، وهو ذكر الصناع ، والمسجد ثم قال : قلت : إما أنه اكتفى بالنجار والمنبر لأن الباقي يعلم منه ، وإما أنه أراد أن يلحق إليه ما يتعلق بذلك ، ولم يتفق له ، ولم يثبت عنده بشرطه ما يدل عليه ، قلت : الجواب الأول أوجه من الثاني .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) ، وهم أربعة : الأول : خلاد بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام ، وهو ابن يحيى ، سبق في باب الصلاة إذا قدم من سفره . الثاني : عبد الواحد بن أيمن بفتح الهمزة وسكون الياء آخر الحروف ، وفتح الميم وفي آخره نون ، الحبشي المكي القرشي المخزومي ، وعبد الواحد هذا يروي عن أبيه أيمن هذا ، وأبوه هو الثالث ، وهو يروي عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما ، وهو الرابع .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه رواية الابن عن الأب ، وفيه أن رواته ما بين كوفي ومكي .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ) أخرجه [ ص: 211 ] البخاري في البيوع أيضا عن خلاد بن يحيى أيضا ، وأخرجه في علامة النبوة عن أبي نعيم .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله ( أن امرأة ) هي التي ذكرت في حديث سهل بن سعد المذكور آنفا ؛ قوله ( ألا ) هي مخففة مركبة من همزة الاستفهام ، ولا النافية ، وليست حرف التنبيه ، ولا حرف التحضيض ؛ قوله ( فإن لي غلاما نجارا ) ، وفي رواية الكشميهني : "فإن لي غلام نجار" ؛ قوله ( إن شئت ) جزاؤه محذوف تقديره : إن شئت عملت ، ويروى : " إن شئت فعلت" بلا حذف ؛ قوله ( فعملت ) أي : المرأة عملت المنبر ، وهذا إسناد مجازي لأن العامل هو الغلام ، وهي الآمرة ، وهو من قبيل قولهم كسا الخليفة الكعبة ، قيل : هذا الحديث لا يدل على الاستعانة لأن هذه المرأة قالت ذلك من تلقاء نفسها ، أجيب بأنها استعانة بالغلام في نجارة المنبر .

                                                                                                                                                                                  ومن فوائد هذا الحديث قبول البذل إذا كان بغير سؤال ، واستنجاز الوعد ممن تعلم منه الإجابة ، والتقرب إلى أهل الفضل بعمل الخير ، وقال ابن بطال : ( فإن قلت ) : الحديثان متخالفان ، ففي حديث سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل المرأة أن تأمر عبدها بعمل المنبر ، وفي حديث جابر أن المرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، قلت : يحتمل أن تكون المرأة بدأت بالمسألة ، فلما أبطأ الغلام بعمله استنجزها إتمامه إذ علم طيب نفس المرأة بما بذلته من صنعة غلامها ، ويمكن أن يكون إرساله صلى الله عليه وسلم إلى المرأة ليعرفها صنعة ما يصنع الغلام من الأعواد .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية