الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما [ ص: 40 ] لا يتوقى نجسا من ماء ، لا إن عسر الاحتراز منه ، أو كان طعاما : كمشمس ، وإن ريئت على فيه [ ص: 41 ] وقت استعماله عمل عليها .

التالي السابق


( و ) كره سؤر ( ما ) أي حيوان مأكول كنعم وطير ، أو لا كخنزير وحمار وفرس [ ص: 40 ] لا يتوقى نجسا ) أكلا ، أو شربا ( من ماء ) بيان لسؤر الشارب وما أدخل يده فيه وسؤر المقدر هنا ، وكراهة سؤر ما لا يتوقى نجسا إذا لم يعسر الاحتراز عنه ( لا ) يكره سؤر ما لا يتوقى نجسا .

( إن عسر ) بفتح العين وضم السين أي صعب وشق ( الاحتراز ) أي حفظ الماء ( منه ) أي ما لا يتوقى نجسا كقط وفأر وعطف على عسر فقال ( أو كان ) أي سؤر شارب الخمر ، أو ما أدخل يده فيه ، أو سؤر ما لا يتوقى نجسا ( طعاما ) كلبن وعسل وزيت ومرق فلا يكره ولا يراق لشرفه ويحرم طرحه في قذر وامتهانه الشديد ويكره الخفيف كغسل اليد به في موضع طاهر .

( كمشمس ) بضم الميم الأولى وفتح الشين المعجمة ، والميم الثانية أي ماء مسخن بشمس ظاهره أنه مشبه بالطعام في عدم الكراهة لكونه أقرب مذكور وهو قول ابن عبد الحكم وابن شعبان ومشى عليه ابن الحاجب ونقل ابن الفرس كراهته عن الإمام مالك رضي الله عنه واقتصر عليها جمهور أهل المذهب ويمكن تخريج كلام المصنف عليها بجعله مشبها بما قبله في الكراهة وقيدت بالبلاد الحارة كالحجاز ، والأواني التي تمتد تحت المطرقة غير النقدين وخص ابن الإمام التلمساني ذلك بالنحاس الأصفر . ولا يكره المسخن بنار ما لم تشتد سخونته فيكره كشديد البرودة لمنعهما كمال الخشوع ، والكراهة قاصرة على استعماله في البدن بوضوء ، أو غسل ، أو رفع حكم خبث ، أو وسخ ظاهر ولا يكره في الأواني والثياب ونحوها ويكره شربه وأكل المطبوخ به إن قال الأطباء بضرره وتزول الكراهة بتبريده وكراهة سؤر الماء ، والمدخل فيه ، وإباحة الطعام محلهما إذا لم تر النجاسة على فمه ، أو يده حين استعماله .

( وإن ريئت ) بكسر الراء وسكون المثناة تحت أصله بضم الراء وتقديم الهمز مكسورا على المثناة فحذفت ضمة الراء ونقلت كسرة الهمز إليها وقدمت المثناة على الهمز أي علمت النجاسة بمشاهدة ، أو أخبار كائنة ( على فيه ) أي فم شارب الخمر وما لا يتوقى نجسا أو [ ص: 41 ] يده التي أدخلها في الماء ، أو غيرها من أعضائه وصلة " ريئت " ( وقت استعماله ) الماء والطعام ( عمل ) بضم فكسر أي حكم ( عليها ) أي بمقتضاها فإن غيرت الماء نجسته ، وإلا كره استعماله إن كان قليلا ونجست الطعام إن كان مائعا ، أو جامدا ، أو أمكن سريانها فيه .




الخدمات العلمية