الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا أعطي الرجل الشيء في الغزو فيبلغ به رأس مغزاته فهو له .

                                                                                                          وسئل مالك عن رجل أوجب على نفسه الغزو فتجهز حتى إذا أراد أن يخرج منعه أبواه أو أحدهما فقال لا يكابرهما ولكن يؤخر ذلك إلى عام آخر فأما الجهاز فإني أرى أن يرفعه حتى يخرج به فإن خشي أن يفسد باعه وأمسك ثمنه حتى يشتري به ما يصلحه للغزو فإن كان موسرا يجد مثل جهازه إذا خرج فليصنع بجهازه ما شاء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          986 970 - ( مالك عن يحيى بن سعيد ) الأنصاري ( أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا أعطي ) بالبناء للمفعول ( الرجل الشيء في الغزو فيبلغ به رأس مغزاته فهو له ) ملكا وفيه حل ذلك للغازي وإن غنيا فليس كالصدقة

                                                                                                          [ ص: 23 ] ( سئل مالك عن رجل أوجب على نفسه الغزو فتجهز حتى إذا أراد أن يخرج منعه أبواه أو أحدهما فقال لا يكابرهما ) أي لا يغالبهما ويعاندهما ولابن وضاح : لا أرى أن يكابرهما ( ولكن يؤخر ذلك إلى عام آخر ) وفي الصحيح : " جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك ؟ قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد " أي خصهما بجهاد النفس في رضاهما وبرهما ، فعبر عن الشيء بضده لفهم المعنى ; لأن ظاهره إيصال الضرر الذي كان يحصل لغيرهما لهما وليس بمراد قطعا ، وإنما المراد القدر المشترك من كلفة الجهاد وهو تعب البدن والمال .

                                                                                                          وفي مسلم قال : " ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما " ، وفي أبي داود : " ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما " وعنده أيضا " ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما " قال الجمهور : يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين لأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية ، فإذا تعين الجهاد فلا إذن .

                                                                                                          ففي ابن حبان : " جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأل عن أفضل الأعمال قال : الصلاة ، قال : ثم مه ؟ قال : الجهاد ، قال : فإن لي والدين ، فقال : آمرك بوالديك خيرا ، فقال : والذي بعثك بالحق لأجاهدن ولأتركنهما ، قال : فأنت أعلم " فهذا محمول على جهاد فرض العين توفيقا بين الأحاديث .

                                                                                                          ( فأما الجهاز فإني أرى أن يرفعه حتى يخرج به فإن خشي أن يفسد باعه وأمسك ثمنه حتى يشتري به ما يصلحه للغزو ) في العام الآخر ( فإن كان موسرا يجد مثل جهازه ) بفتح ( إذا خرج فليصنع بجهازه ما شاء ) لقدرته على تحصيله .




                                                                                                          الخدمات العلمية