الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  441 112 - ( حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا أبو بردة بن عبد الله ، قال : سمعت أبا بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل فليأخذ على نصالها لا يعقر بكفه مسلما ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه مطابقة الحديث للترجمة في قوله ( من مر ) فإنه صرح فيه بلفظ المرور ، وجعله شرطا ، ورتب عليه الجزاء ، وهو قوله : ( فليأخذ ) فدل هذا على جواز المرور في المسجد بنبل يأخذ نصاله ، وبهذا يحصل الجواب عن سؤال الكرماني حيث قال .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : ما وجه تخصيص هذا الحديث يعني حديث أبي موسى الأشعري بهذا الباب ، وهو قوله : ( باب : المرور في المسجد ، وتخصيص الحديث السابق ، يعني حديث جابر المذكور بالباب السابق ، وهو قوله : ( باب : يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد مع أن كلا من الحديثين يدل على كل من الترجمتين ، وتقرير الجواب هو أنه نظر إلى لفظ الرسول حيث لم يكن في الأول لفظ المرور في لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي الثاني ذكره مقصودا بالوجه الذي ذكرناه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) ، وهم خمسة : الأول : موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وقد مر في باب كتاب الوحي . الثاني : عبد الواحد بن زياد بكسر الزاي المعجمة بعدها الياء آخر الحروف ، وقد مر في باب : الجهاد من الإيمان . الثالث : أبو بردة بضم الباء الموحدة وسكون الراء ، واسمه بريد مصغر برد ضد الحر ، ابن عبد الله . الرابع : أبو بردة الثاني ، واسمه عامر ، وهو جد أبي بردة الأول . الخامس : أبو موسى الأشعري ، واسمه عبد الله بن قيس .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، وفيه السماع في موضع واحد ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه رواية الراوي عن جده ، وهو أبو بردة الأول يروي عن أبي بردة الثاني ، وهو جده كأنه قال : سمعت جدي يروي عن أبيه ، وفيه رواية الابن عن أبيه الصحابي ، وهو رواية أبي بردة . الثاني : عن أبيه أبي موسى الأشعري ، وفيه أن رواته ما بين بصري وكوفي .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ، ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن أبي كريب عن أبي أسامة ، وأخرجه مسلم في الأدب عن أبي كريب ، وأبي عامر عبد الله بن أبي براد الأشعري ، وأخرجه أبو داود عن أبي كريب في الجهاد ، وأخرجه ابن ماجه في الأدب عن محمود بن غيلان عن أبي أسامة به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وإعرابه ) ؛ قوله ( من مر ) كلمة من موصولة تضمنت معنى الشرط في محل الرفع على الابتداء ، وخبره هو ؛ قوله ( فليأخذ ) ؛ قوله ( أو أسواقنا ) كلمة أو للتنويع من الشارع ، وليست للشك من الراوي ؛ قوله ( بنبل ) الباء فيه للمصاحبة معناه : من مر مصاحبا للنبل ، وليست الباء فيه مثل الباء في قولك : بزيد ، فإنها للإلصاق ؛ قوله ( على نصالها ) ضمنت كلمة الأخذ هنا معنى الاستعلاء للمبالغة فعديت بعلى ، وإلا فالوجه أن يعدى الأخذ بالباء ؛ قوله ( لا يعقر ) أي : لا يجرح ، وهو مرفوع ، ويجوز الجزم نظرا إلى أنه جواب الأمر ؛ قوله ( بكفه ) الباء فيه تتعلق بقوله ( فليأخذ ) لا بقوله ( لا يعقر ) ، فإن العقر بالكف لا يتصور ، ووقع في رواية الأصيلي : " فليأخذ على نصالها بكفه لا يعقر مسلما " .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : يحتمل أن يراد منه كف النفس أي : لا يعقر بكفه نفسه عن الأخذ أي : لا يجرح بسبب تركه أخذ النصال مسلما . قلت : لا يبعد هذا الاحتمال ، ولكن الأول راجح ، ويؤيده رواية مسلم من حديث أبي أسامة : " فليمسك على نصالها بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين " ، وله من طريق ثابت عن أبي بردة " فليأخذ بنصالها " ، ثم ليأخذ بنصالها ، ثم ليأخذ بنصالها .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية