الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الإفراج عن ورد الرومي وما صار أمره إليه ودخول الروس في النصرانية

في هذه السنة أفرج صمصام الدولة عن ورد الرومي ، وقد تقدم ذكر حبسه . فلما كان الآن أفرج عنه وأطلقه ، وشرط عليه إطلاق عدد كثير من أسارى المسلمين ، [ ص: 410 ] وأن يسلم إليه سبعة حصون من بلد الروم برساتيقها ، وأن لا يقصد بلاد الإسلام هو ولا أحد من أصحابه ما عاش ، وجهزه بما يحتاج إليه من مال وغيره ، فسار إلى بلاد الروم ، واستمال في طريقه خلقا كثيرا من البوادي وغيرهم ، وأطمعهم في العطاء والغنيمة ، وسار حتى نزل بملطية ، فتسلمها ، وقوي بها وبما فيها من مال وغيره .

وقصد ورديس بن لاون ، فتراسلا ، واستقر الأمر بينهما على أن تكون القسطنطينية ، وما جاورها من شمالي الخليج ، لورديس . وهذا الجانب من الخليج لورد ، وتحالفا واجتمعا ، فقبض ورديس على ورد وحبسه ، ثم إنه ندم فأطلقه عن قريب ، وعبر ورديس الخليج ، وحصر القسطنطينية وبها الملكان ابنا أرمانوس ، وهما بسيل وقسطنطين ، وضيق عليهما ، فراسلا ملك الروسية ، واستنجداه وزوجاه بأخت لهما ، فامتنعت من تسليم نفسها إلى من يخالفها في الدين ، فتنصر ، وكان هذا أول النصرانية بالروس ، وتزوجها وسار إلى لقاء ورديس ، فاقتتلوا وتحاربوا فقتل ورديس ، واستقر الملكان في ملكهما ، وراسلا وردا وأقراه على ما بيده ، فبقي مديدة ومات ، وقيل : إنه مات مسموما .

وتقدم بسيل في الملك ، وكان شجاعا عادلا ، وحسن الرأي ، ودام ملكه ، وحارب البلغار خمسا وثلاثين سنة ، وظفر بهم ، وأجلى كثيرا منهم من بلادهم ، وأسكنها الروم ، وكان كثير الإحسان إلى المسلمين والميل إليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية