الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  443 114 - ( حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال : حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على باب حجرتي ، والحبشة يلعبون في المسجد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم ) ؛ زاد إبراهيم بن المنذر حدثنا ابن وهب ، أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ، والحبشة يلعبون بحرابهم ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : ( والحبشة يلعبون بحرابهم ) .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) ، وهم تسعة : الأول : عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري المدني . الثاني : إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف . الثالث : صالح بن كيسان أبو محمد مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز . الرابع : محمد بن مسلم بن شهاب الزهري . الخامس : عروة بن الزبير بن العوام . السادس : إبراهيم بن المنذر الحزامي ، مر في كتاب العلم ، وهو شيخ البخاري . السابع : عبد الله بن وهب . الثامن : يونس بن يزيد الأيلي . التاسع : عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، والإخبار بصيغة الإفراد في موضعين ، والعنعنة في أربعة مواضع ، وفيه أن عبد العزيز من أفراد البخاري ، وفيه ثلاثة من التابعين ، وهم صالح ، وابن شهاب وعروة ، وفيه أن رواته ما بين مدني ، ومصري ، وأيلي ، وفيه أن قوله : ( زاد ابن المنذر ) يحتمل التعليق ، قاله الكرماني . ( قلت ) : هو تعليق بلا احتمال ، وقد وصله الإسماعيلي من طريق عثمان بن عمر عن يونس ، والذي زاده هو لفظ : "بحرابهم" .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا في العيدين ، وفي مناقب قريش ، وأخرجه مسلم في العيدين أيضا عن أبي الطاهر بن السرح .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وإعرابه ) ؛ قوله : ( لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي : والله لقد أبصرت ، فهم معنى القسم من اللام ولفظة "قد" اللتان تدلان على التأكيد ، ورأيت بمعنى أبصرت فلذلك اقتصر على مفعول واحد ؛ قوله : ( يوما ) نصب على الظرف ؛ قوله ( والحبشة يلعبون ) جملة حالية ، والحبشة ، والحبش جنس من السودان مشهور ؛ قوله ( ورسول الله يسترني ) جملة حالية أيضا ، وهذا يدل على أنه كان بعد نزول الحجاب ؛ قوله ( أنظر ) أيضا جملة حالية ؛ قوله ( إلى لعبهم ) بفتح اللام وكسر العين ، وبكسر اللام وسكون العين ؛ قوله ( زاد ) فعل ماض ، وفاعله ابن المنذر ، وهو فاعل قال أيضا ، ومفعوله الذي زيد هو قوله ( بحرابهم ) كما ذكرنا .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستنبط منه من الأحكام ) : فيه جواز اللعب بالحراب في المسجد على الوجه الذي ذكرناه في أول الباب ، وحكى ابن التين عن أبي الحسن اللخمي أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة ، أما القرآن فقوله تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع وأما السنة في حديث : واثلة بن الأسقع الذي أخرجه ابن ماجه : " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم " ، ورد بأن الحديث ضعيف ، وليس فيه ولا في الآية تصريح بما ادعاه ، ولا عرف التاريخ حتى يثبت النسخ ، وفيه جواز النظر إلى اللعب المباح ، وقال الكرماني : وقد يمكن أن يكون ترك النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لتنظر إلى لعبهم لتضبط السنة في ذلك [ ص: 221 ] وتنقل تلك الحركات المحكمة إلى بعض من يأتي من أبناء المسلمين ، وتعرفهم بذلك ، وفيه من حسن خلقه الكريم وجميل معاشرته لأهله ، وفيه جواز نظر النساء إلى الرجال ، ووجوب استتارهن عنهم ، وفيه فضل عائشة ، وعظم محلها عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية