الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3068 [ ص: 176 ] باب منه

                                                                                                                              وهو في النووي في: (الباب المتقدم ) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص72 ج11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها. فإنه من أعمر عمرى؛ فهي للذي أعمرها، حيا وميتا. ولعقبه" ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم: أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها ) .

                                                                                                                              المراد به: إعلامهم: أن "العمرى" هبة صحيحة ماضية، يملكها الموهوب له ملكا تاما، لا يعود إلى الواهب أبدا.

                                                                                                                              فإذا علموا ذلك، فمن شاء: أعمر ودخل على بصيرة. ومن شاء: ترك. لأنهم كانوا يتوهمون أنها كالعارية، ويرجع فيها.

                                                                                                                              قال النووي: وهذا دليل للشافعي وموافقيه. والله أعلم.

                                                                                                                              (فإنه من أعمر عمرى؛ فهي للذي أعمرها، حيا وميتا. ولعقبه ) .

                                                                                                                              وبالجملة: للعمرى ثلاثة أحوال؛

                                                                                                                              [ ص: 177 ] الأول أن يقول: "أعمرتك هذه الدار، فإذا مت فهي لورثتك، أو لعقبك، فتصح بلا خلاف، ويملك بهذا اللفظ: رقبة الدار. وهي هبة، لكنها بعبارة طويلة. فإذا مات، فالدار لورثته. فإن لم يكن له وارث، فلبيت المال. ولا تعود إلى الواهب بحال، خلافا لمالك.

                                                                                                                              الثاني: أن يقتصر على قوله: "جعلتها لك عمرك". ولا يتعرض لما سواه. وهذا العقد صحيح في الجديد للشافعي. وله حكم الحال الأول.

                                                                                                                              والثالث: أن يقول: "جعلتها لك عمرك، فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي إن كنت مت". وهذا صحيح أيضا، وله حكم الحال الأول.

                                                                                                                              قال النووي: واعتمدوا على الأحاديث الصحيحة المطلقة: "العمرى جائزة". وعدلوا به عن قياس الشروط الفاسدة. والأصح: الصحة في جميع الأحوال.

                                                                                                                              قال: هذا مذهبنا. وقال أحمد: تصح العمرى المطلقة دون المؤقتة. وقال مالك: هي في جميع الأحوال: تمليك لمنافع الدار مثلا، ولا يملك فيها رقبة الدار بحال. وقال أبو حنيفة بالصحة، كنحو مذهب الشافعية. وبه قال الثوري، وابن صالح، وأبو عبيدة.

                                                                                                                              وحجة الشافعي وموافقيه: هذه الأحاديث الصحيحة. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية