الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          183 - فصل

                          قال أبو عمر : وأما اختلاف العلماء في الفطرة المذكورة في هذا الحديث وما كان مثله ، فقالت فرقة : الفطرة في هذا الموضع أريد بها الخلقة التي خلق عليها المولود من المعرفة بربه ، فكأنه قال : كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة ، يريد أن خلقه مخالف لخلقة البهائم التي لا تصل بخلقتها إلى معرفة .

                          قالوا : لأن الفاطر هو الخالق ، قال : وأنكرت أن يكون المولود يفطر على إيمان ، أو كفر ، أو معرفة ، أو إنكار .

                          قال شيخنا : صاحب هذا القول إن أراد بالفطرة التمكن من المعرفة ، والقدرة عليها فهذا ضعيف ، فإن مجرد القدرة على ذلك لا يقتضي أن يكون حنيفا ، ولا أن يكون على الملة .

                          ولا يحتاج أن يذكر تغيير أبويه لفطرته حتى يسأل عمن مات صغيرا ، ولأن القدرة في الكبير أكمل منها في الصغير ، وهو لما نهاهم عن قتل [ ص: 1022 ] الصبيان فقالوا : إنهم أولاد المشركين قال : " أوليس خياركم أولاد المشركين ؟ ما من مولود إلا يولد على الفطرة " ، ولو أريد القدرة لكان البالغون كذلك مع كونهم مشركين مستوجبين للقتل .

                          وإن أراد بالفطرة القدرة على المعرفة مع إرادتها ، فالقدرة الكاملة مع الإرادة التامة تستلزم وجود المراد المقدور ، فإذا فطروا على القدرة على المعرفة ، وإرادتها كان ذلك مستلزما للإيمان ، ولم يتخلف موجبه ومقتضاه .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية