الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1152 1210 - حدثنا محمود ، حدثنا شبابة ، حدثنا شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة قال : " إن الشيطان عرض لي ، فشد علي ليقطع الصلاة علي ، فأمكنني الله منه ، فذعته ، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه ، فذكرت قول سليمان - عليه السلام - : رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسيا " . ثم قال النضر بن شميل : "فذعته " بالذال أي : خنقته ، و "فدعته " من قول الله : يوم يدعون [الطور :13] أي : يدفعون والصواب : فدعته ، إلا أنه كذا قال بتشديد العين والتاء . [انظر : 461 - مسلم : 541 - فتح: 3 \ 80]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة قالت : كنت أمد رجلي في قبلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي . . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف في باب الصلاة على الفراش .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي هريرة : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة فقال : "إن الشيطان عرض لي ، فشد علي ليقطع الصلاة علي ، فأمكنني الله منه ، فذعته . . " الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف في باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله هنا : "فذعته " أي خنقته ، وهو بالدال . والذال : الدفع العنيف .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 297 ] قيل : هما سواء ، وقيل : هو بالمعجمة لا غير .

                                                                                                                                                                                                                              قال صاحب "المطالع " : وعند ابن الحذاء في حديث ابن أبي شيبة بذال وغين معجمتين .

                                                                                                                                                                                                                              وفي بعض نسخ البخاري هنا إثر الحديث عن النضر بن شميل : فذعته بالذال خنقته ، وفدعته من قول الله تعالى : يوم يدعون [الطور : 13] أي يدفعون ، والصواب : فذعته . أي بالمعجمة إلا أنه كذا قال بتشديد العين والتاء وفي حاشيته : فدععته ، بتكرار العين . وقال ابن التين عن الخطابي : الذعت : شدة الخنق ، بالذال المعجمة .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر عن الخليل أنه الضرب بالأرض والتلويث . وقال الداودي عن النضر : فذعته بالذال : خنقته . وفدعته من قول الله تعالى : يوم يدعون [الطور : 13] أي : يدفعون . قال : والصواب : فذعته ، إلا أنه بتشديد العين والتاء .

                                                                                                                                                                                                                              ثم قال : فقوله : والصواب : فذعته . إنما يجوز ذلك إذا كانت الرواية بالغين ، وأما بالعين من يدعون فلا يجوز إلا التشديد ; لأنه إنما يقال في التخفيف : ودع يدع . مع أن الفعل الماضي منها قلما تستعمله العرب . قال : ومنه قوله تعالى : ما ودعك ربك [الضحى : 3] .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (هو من قوله تعالى : يوم يدعون ) [الطور : 13] ليس بصحيح ، ولو كان كذلك لكان : دعوته .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن التين : وقول الداودي أيضا غير صحيح ; لأن فاء الفعل الذي ذكره واو فكان يقول : فودعته . بتشديد الدال وتخفيفها ، وفيه روايات كثيرة . فدعته وفدعته بتشديد العين والتاء ، ولا يصح إلا على [ ص: 298 ] التكثير من دعت . والصحيح منها ما ذكرناه فيما تقدم أنها ذال معجمة ، وعين غير معجمة مخففة ، والتاء مشددة .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( "فذكرت قول أخي سليمان " ) قال الداودي : لما احتمل قول سليمان لا ينبغي [ص : 35] لشيء منه أو جميعه كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفعل .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( "فرده الله خاسئا " ) أي : مبعدا . وقد أسلفنا غير مرة اغتفار العمل اليسير في الصلاة دون الكثير ، والإجماع قائم على أنه غير جائز ، والمرجع فيه إلى العرف ، وغمزه - صلى الله عليه وسلم - رجل الصديقة في الصلاة هو من العمل اليسير ، ولا يلحق مكرره بالكثير ; لأجل تفرقه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد الرزاق مفسرا صورة الشيطان فقال : "عرض لي في صورة هر " . فهذا معنى قوله : "فأمكنني الله منه " أي : صوره لي في صورة هر شخصا يمكنه أخذه ، فأراد ربطه ، فهو من العمل اليسير في الصلاة ، وربطه بسارية قد يحتاج إلى عمل كثير ، لكن قد هم به الشارع ، ولا يهم إلا بجائز ، ومما استخف العلماء من العمل في الصلاة أخذ البرغوث والقملة ، ودفع المار بين يدي المصلي ، والإشارة ، والالتفات الخفيف ، والمشي الخفيف ، وقتل الحية والعقرب ، وقد أمر بهما الشارع ، وهذا كله إذا لم يقصد المصلي بذلك العبث في صلاته ولا التهاون بها .

                                                                                                                                                                                                                              وممن أجاز أخذ القملة في الصلاة وقتلها الكوفيون والأوزاعي .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو يوسف : قد أساء ، وصلاته تامة . وكره الليث قتلها في المسجد ، ولو قتلها لم يكن عليه شيء . وقال مالك : لا يقتلها في المسجد ، ولا يطرحها فيه ، ولا يدفنها في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 299 ] وقال الطحاوي : لو حك بدنه لم يكره ، كذلك أخذ القملة وطرحها .

                                                                                                                                                                                                                              ورخص في قتل العقرب في الصلاة ابن عمر والحسن والأوزاعي ، واختلف قول مالك فيه : فمرة كرهه ومرة أجازه ، وقال : لا بأس بقتلها إذا آذته . وخففه ، وكذلك الحية والطير يرميه بحجر يتناوله من الأرض ، فإن لم يطل ذلك لم تبطل صلاته .

                                                                                                                                                                                                                              وأجاز قتل الحية والعقرب في الصلاة الكوفيون والشافعي وأحمد

                                                                                                                                                                                                                              وإسحاق ، وكره قتل العقرب في الصلاة إبراهيم النخعي .

                                                                                                                                                                                                                              وسئل مالك عمن يمسك عنان فرسه في الصلاة ولا يتمكن من وضع يديه بالأرض . قال : أرجو أن يكون خفيفا ولا يتعمد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى علي بن زياد عن مالك في المصلي يخاف على صبي بقرب نار فذهب ينحيه . قال : إن انحرف عن القبلة ابتدأ ، وإن لم ينحرف بنى .

                                                                                                                                                                                                                              وسئل أحمد عن رجل أمامه سترة فسقطت فأخذها فأركزها . قال : أرجو أن لا يكون به بأس . فذكر له عن ابن المبارك أنه أمر رجلا صنع ذلك بالإعادة قال : لا آمره بالإعادة ، وأرجو أن يكون خفيفا . وأجاز مالك والشافعي حمل الصبي في الصلاة المكتوبة ، وهو قول أبي ثور .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية